كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 158 """"""
محمد بن إسحاق والثعلبي : روى عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن المسور بن محرمة ومروان بن الحكم : فلما اطمأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أتاه بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه ، وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من أهل تهامة ، فقال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر ابن لؤي قد نزلا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إنا لم نأت لقتال أحد ، ولكن جئنا معتمرين ، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب ، وأضرت بهم ، فإن شاءوا ماددناهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس ، فإن أظهر ، فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، فو الله لأقاتلنهم على أمرى هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن الله أمره . قال بديل : سنبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل ، وسمعناه يقول قولا ، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا ؛ فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشئ ؛ وقال ذوو الرأي منهم : هات كما سمعته يقول ؛ قال : سمعته يقول كذا وكذا . فحدثهم بما قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقال لهم : إنه يأت لقتال ، وإنما جاء زائرا لهذا البيت . فاتهموه وجبهوه وقالوا : إن كان جاء ولا يريد قتالا فو الله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ، ولا يحدث بذلك عنا العرب ؛ ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بنى عامر ابن لؤي ، فلما رآه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مقبلا قال : هذا رجل غادر . وفي رواية : فاجر . فلما انتهى إليه وكلمة قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نحوا مما قال لبديل بن ورقاء وأصحابه ، فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان ،

الصفحة 158