كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 16 """"""
قال ابن سعد : وكان لواء الخزرج مع الحباب بن المنذر ، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ ، وجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الساقة قيس بن أبى صعصعة أخا بنى مازن بن النجار . قال : ولما كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قريبا من الصفراء بسبس بن عمرو ، وعدى بن أبى الزغباء الجهنين إلى بدر يتحسسان له الأخبار عن أبى سفيان وعيره . ثم أرتحل ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ذفران - واد يسار الصفراء - وأتاه الخبر بمسير قريش ليمنعوا غيرهم ، فأستشار الناس وأخبرهم ، فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ، ثم قام عمر فقال وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال : يا رسول الله ، امض لما أمرك الله فنحن معك فوالله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل : اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا أنا معكما مقاتلون ، فالذي بعثك بالحق ، لو سرت بنا إلى برك الغماد لجا لدنا معك من تبلغه ؛ فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خيرا ، ودعا له . ثم قال : أشيروا على أيها الناس - وانما الأنصار لأنهم عدد الناس - فقال له سعد بن معاذ : والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ، قال : أجل ؛ قال : فقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فأمض يا رسول الله لما أردت ، فالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، أنا لصبر في الحرب ، صدق في اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " سيروا وأبشروا ، فان الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأنى الآن أنظر إلى مصارع القوم " . ثم أرتحل ( صلى الله عليه وسلم ) من ذفران حتى نزل قريبا من بدر ، فركب هو وأبو بكر الصديق حتى وقفا على شيخ من العرب ، فسأله عن قريش ، وعن محمد وأصحابه ، وما بلغه عنهم ، فقال الشيخ : لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إذا أخبرتنا أخبرناك . قال : أو ذاك بذاك ؟ قال نعم . قال الشيخ : فانه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا

الصفحة 16