كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 162 """"""
بايعهم على ألا يفروا . قال جابر بن عبد الله : فبايع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بنى سلمة ، لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته ، مستترا بها عن الناس .
وكان أول من بايع بيعة الرضوان رجل من بنى أسد يقال له : أبو سنان ابن وهب . ثم أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن الذي ذكروا من أمر عثمان باطل . واختلف في عدد أهل بيعة الرضوان ، وهو مبنى على الأختلاف في عدد أصحاب عمرة الحديبية كما تقدم ، لم يتخلف منهم إلا الجد بن قيس ، قالوا : ولما بايع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس بايع لعثمان ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى . روى أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ، فسأله عن عثمان رضى الله عنه ، أكان شهد بدرا ؟ قال : لا ؛ قال : أكان شهد بيعة الرضوان ؟ قال : لا ؛ قال : فكان من الذين تولوا يوم التقى الجمعان ؟ قال : نعم . قال : فانطلق الرجل ؛ فقيل لعبد الله بن عمر : إن هذا يرى أنك قد عبته ، قال : علي به ؛ فأتى به فقال : أما بدر فإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد ضرب له بسهمه وأجره ؛ وأما بيعة الرضوان فقد بايع له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خير من يد عثمان ، وأما الذين تولوا يوم آلتقى الجمعان فقد عفا الله عنهم ، فاجهد علي جهدك .
وأنزل الله عز وجل في الذين بايعوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هذه البيعة قوله تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم . " قال الكلبي : معناه نعمة الله عليهم فوق ما صنعوا من البيعة . وقال ابن كيسان : قوة الله ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم . ثم قال تعالى : " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " وهو الجنة . وقوله تعالى في السورة أيضا : " لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم " من الصدق والوفاء " فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا . " قيل : فتح خيبر ؛ روى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لايدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة . "
ذكر هدنة قريش وما وقع فيها من الشروط
قال : ثم بعثت قريش إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سهيل بن عمرو أخا بنى عامر بن لؤي ، فقالوا : إيت محمدا فصالحه ، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا .

الصفحة 162