كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 163 """"""
فأتاه سهيل بن عمرو ، فلما رآه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " قد سهل أمركم ، القوم ماتون إليكم بأرحامهم ، وسائلوكم الصلح ، فابعثوا الهدى وأظهروا التلبية ، لعل ذلك يلين قلوبهم . " فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجت أصواتهم بالتلبية ، قال : وانتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وتكلم فأطال ، وتراجعا ، ثم جرى الصلح بينهما ، فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه فقال : يا أبا بكر ، أليس برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حقا ؟ قال : بلى ؛ قال : أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ؛ قال : أو ليسوا المشركين ؟ قال : بلى ؛ قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ؟ قال أبو بكر : أيها الرجل ، إنه رسول الله ، وليس نعصي رأيه ، فاستمسك بغرزه حتى تموت ، فو الله إنه لعلى الحق ؛ قال عمر : أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت نطوف به ؟ قال : بلى ؛ أفأخبرك أنك تأتيه العام ؟ قال : لا ؛ قال : فإنك آتيه ومطوف به . قال : ثم جاء عمر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : ألست رسول الله ؟ قال : بلى ؛ قال : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى ؛ قال : فلم نعطي الدنية في ديننا إذا ؟ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري . " وفي رواية قال : " إني عبد الله ورسوله ، لن أخالف أمره ولن يضيعني . " قال عمر : ألست تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به ؟ قال : " بلى ، هل أخبرتك أنك تأتيه العام ؟ " قال عمر : لا ؛ قال : " فإنك آتيه ومطوف به . " قال عمر : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ ، فما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتنق من صنعت يومئذ مخافة كلامى الذي تكلمت به حتى رجوت خيرا . قالوا : ثم دعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، فقال : " اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ؛ " فقال سهيل : أما الرحمن فلا أدري ما هو ؟ ولكن اكتب : باسمك اللهم كما كنت تكتب ، قال المسلمون : لا والله لا تكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اكتب : باسمك اللهم " فكتبها ، ثم قال : " اكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو . " فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولا قاتلناك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " والله إني لرسول الله وإن كذبتموني ؛ " ثم قال

الصفحة 163