كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 168 """"""
البوادي ، ليخرجوا معه حذرا من قريش أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت ، وأحرم هو ( صلى الله عليه وسلم ) بالعمرة وساق معه الهدى ، ليعلم الناس أنه لا يريد حربا ، فتثاقل عنه كثير من الأعراب وقالوا : نذهب معه إلى قوم قد جاءوه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم ؟ فتخلفوا عنه واعتلوا بالشغل ، فأنزل الله تعالى : " سيقول لك المخلفون " ، أي إذا انصرفت إليهم فعاتبتهم على التخلف عنك شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا ثم كذبهم في اعتذارهم واستغفارهم ، وأخبر عن إسرارهم وإضمارهم ، فقال : يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
قوله تعالى : " بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا " وذلك أنهم قالوا : إن محمدا وأصحابه أكلة رأس ، فلا يرجعون ، فأين تذهبون ؟ انتظروا ما يكون من أمرهم . وكنتم قوما بورا أي هالكين فاسدين ، لا تصلحون لشئ من الخير . قال تعالى : " ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا . " قوله تعالى : " سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذ لكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا " قال : المخلفون أي عن الحديبية إذا انطلقتم إلى مغابم يعنى غنائم خيبر ذرونا نتبعكم أي خبير ، فنشهد معكم قتال أهلها " يريدون أن يبدلوا كلام الله " معناه يريدون أن يغيروا وعد الله الذي وعد أهل الحديبية ، وذلك أن الله تعالى جعل لهم غنائم خيبر عوضا عن غنائم أهل مكة ، إذ انصرفوا عنها عن صلح ولم يصيبوا منها شيئا . وقال ابن زيد : هو قوله عز وجل : " فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا " قال : والأول أصوب ، لأن قوله تعالى : " لن تخرجوا معي أبدا " نزلت في غزوة تبوك . قال : " كذ لكم قال الله من قبل " أي من قبل مرجعنا إليكم : إن غنيمة خيبر لمن شهدا لحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب : " فسيقولون بل تحسدوننا " أي نصيب معكم من الغنائم .
قوله تعالى : " قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ، " قال ابن عباس وعطاء بن أبى رباح وعطاء الخراسانى وعبد الرحمن بن أبى ليلى ومجاهد : هم فارس . وقال كعب الأخبار : الروم .
وقال الحسن : فارس والروم . وقال عكرمة : هوازن . وقال سعيد بن جبير : هوازن وثقيف . وقال قتادة : هوازن وغطفان يوم حنين . وقال الزهري ومقاتل : بنو حنيفة أهل اليمامة أصحاب مسيلمة الكذاب . وقال رافع بن خديج : والله لقد كنا نقرأ هذه الآية فيما مضى : " ستدعون إلى