كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 170 """"""
فأعتقهم ، فأنزل الله عز وجل الآية . قال عكرمة عن ابن عباس : إن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : وقد قدمنا ذكرهم . وقال عبد الله بن مغفل : كنا مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالحديبية في أصل الشجرة ، وعلى ظهر غصن من أغصان تلك الشجرة ، فرفعته عن ظهره ، وعلي بن أبى طالب رضى الله عنه بين يديه يكتب كتاب الصلح وسهيل بن عمرو ، فخرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح ، فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأخذ الله بأبصارهم ، فقمنا إليهم فأخذناهم ، فحلى عنهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأنزل الله عز وجل الآية . وقيل : غير ذلك . والله تعالى أعلم .
ثم قال تعالى : " هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله " الآية . وهي قصة الحديبية وقد تقدم شرحها . وقوله تعالى : " ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ، " قال : قوله : أن تطئوهم أي تقتلوهم فتصيبكم منهم معرة بغير عليم ، قال ابن زيد : إثم . وقال ابن إسحاق : غرم الدية . وقيل : الكفارة ، لأن الله عز وجل إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ولم يعلم قاتله إيمانه الكفارة دون الدية . وقيل : هو أن المشركين يعيبونكم ويقولون : قتلوا أهل دينهم . والمعرة المشقة ، وأصلها من العر وهو الجرب . قال : فلولا ذلك لأذن لكم في دخول مكة ، ولكنه حال بينكم وبين ذلك . ليدخل الله في رحمته .
أي في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة قبل أن تدخلوها . قال : وقال بعض العلماء : قوله لعذبنا جواب لكلامين أحدهما ولولا رجال والثاني لو تزيلوا أي تميزوا . وقال قتادة في قوله : ليدخل الله في رحمته أي أن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة .
وعن علي بن أبى طالب رضى الله عنه أنه سأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن قول الله عز وجل : " لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما " قال : هم المشركون من أجداد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وممن كان بعدهم في عصره ، كان في أصلابهم المؤمنون ، فلو تزيل المؤمنون عن أصلاب الكافرين لعذب الله الكافرين عذابا أليما . " قوله تعالى : " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ، " قال ابن إسحاق : يعني سهيل بن عمرو حين حمى أن تكتب بسم الله الرحمن الرحيم .
وأن