كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 171 """"""
محمدا رسول الله . " فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شئ عليما ، " قال : كلمة التقوى يعنى الإخلاص ؛ وقد روى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال في قوله تعالى : وألزمهم كلمة التقوى : لا إله إلا الله . وهو قول ابن عباس وعمرو بن ميمون ومجاهد وقتادة والضحاك وسلمة بن كهيل وعبيد بن عمير وعكرمة وطلحة بن مصرف والربيع والسدى وابن زيد . وقال عطاء الخراساني : هي لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وعن علي رضى الله عنه قال : كلمة التقوى : لا إله إلا الله والله أكبر ، وهو قول ابن عمر . وقال عطاء بن أبى رباح : هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير . وعن الزهرى : كلمة التقوى هي بسم الله الرحمن الرحيم .
قوله تعالى : " لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا . " قال : الرؤيا التي أراها إياها في مخرجة إلى الحديبية أنه يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام . قوله : فعلم ما لم تعملوا أي أن الصلاح كان في الصلح . فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قيل : صلح الحديبية .
ثم قال تعالى : " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا " أي أنك نبي صادق فيما تخبر . ثم وصف تعالى رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه فقال تعالى : " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما . " قال الثعلبي رحمه الله تعالى : قوله : محمد رسول الله تم الكلام هاهنا ، يعني الكلام الأول ، ثم قال مبتدئا : " والذين معه أشداء على الكفار " أي غلاظ لا تأخذهم فيهم رأفة . رحماء بينهم أي متعاطفون متوادون بعضهم على بعض . يبتغون فضلا من الله أي يدخلهم جنته .
ورضوانا يرضى عنهم . سماهم علامتهم . في وجوههم من أثر السجود واختلف العلماء في هذه السيماء ، فقال قوم : هو نور بياض في وجوههم يوم القيامة ، يعرفون بتلك العلامة أنهم سجدوا في الدنيا ؛ وهي رواية العوفى عن ابن عباس . وقال عطاء بن أبى رباح والربيع بن أنس : استنارت وجوههم من كثرة ما صلوا . وقال شهر بن حوشب : يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر . وقال آخرون : هو السمت

الصفحة 171