كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 172 """"""
الحسن والخشوع والتواضع . وقال منصور : سألت مجاهدا عن قوله تعالى : سيماهم في وجوههم أهو الأثر يكون بين عيني الرجل ؟ قال : لا ، ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة البعير ، وهو أقسى قلبا من الحجارة ، ولكنه نور في وجوههم من الخشوع . وقال ابن جريح : هو الوقار والبهاء . وقال شمر بن عطية : هو التهيج وصفرة الوجه وأثر السهر . قال الحسن : إذا رأيتم حسبتم مرضى ، وما هم بمرضى . وقال عكرمة وسعيد بن جبير : هو أثر التراب في جباههم . وقال عطية الخراساني : دخل في هذه الاية كل من حافظ على الصلوات الخمس . ذلك مثلهم أي ذلك الذي ذكرت مثلهم صفتهم في التوراة قال : وهاهنا تم الكلام . ثم قال : ومثلهم صفتهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه ؛ قال أنس : شطأه نباته . وقال ابن عباس : سنبله . وقال مجاهد والضحاك : ما يخرج تحت الحلقة فينمو ويتم . وقال مقاتل : هو نبت واحد ، فإذا خرج ما بعده فقد شطأه . وقال السدي : هو أن يخرج معه الطاقة الأخرى . وقال الفراء : الأشطاء : الزرع إذا نبت سبعا أو ثمانيا أو عشرا .
وقال الأخفش : فراخه ، يقال : أشطأ الزرع فهو مشطئ إذا فرخ ، قال الشاعر :
أخرج الشطء على وجه الثرى . . . ومن الأشجار أفنان الثمر
قال : وهذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، يعنى أنهم كانوا يكونون قليلا ، ثم يزدادون ويكثرون ويقوون . قال قتادة : مثل أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . فآزره قواه وأعانه وشد أزره .
فاستغلظ ، فغلظ وقوى . فاستوى تم وتلاحق نباته وقام . على سوقه أصوله .
يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار يعنى أن الله تعالى فعل ذلك بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه رضى الله عنهم ليغيظ بهم الكفار . قال الثعلبي بسند يرفعه إلى الحسن ف قوله عز وجل : محمد رسول الله قال : محمد رسول الله . والذين معه ، أبو بكر . أشداء على الكفار عمر بن الخطاب . رحماء بينهم عثمان بن عفان .
تراهم ركعا سجدا على بن أبى طالب . يبتغون فضلا من الله ورضوانا طلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وسعيد وأبو عبيدة . سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، قال : هم المبشرون ، أولهم أبو بكر وآخرهم أبو عبيدة . ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل قال : نعتهم في التوراة والإنجيل كمثل زرع . قال : الزرع : محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . أخرج شطأه أبو بكر الصديق . فآزره عمر بن الخطاب .
فاستغلظ عثمان ؛ يعنى استغلظ للإسلام . فاستوى على سوقه على بن أبى طالب ، يعني

الصفحة 172