كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 174 """"""
ديني ؟ قال : " انطلق ، فإن الله سيجعل لك فرجا ومخرجا . " ودفعه إليهما ، فخرجا به ، حتى إذا كانا بذي الحليفة سل جحش سيفه ، ثم هزه وقال : لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوما إلى الليل ، فقال له أبو بصير : أو صارم سيفك هذا ؟ قال : نعم ؛ قال : ناولته أنظر إليه . فناوله إياه ، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد ، ويقال : بل تناول أبو بصير سيف جحش بفيه ، وهو نائم ، فقطع به إساره ، ثم ضربه به حتى برد ؛ وطلب الآخر فجمز مذعورا مستخفيا ، حتى دخل المسجد إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا ؛ فأقبل واستغاث برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : ويحك مالك ؟ فقال صاحبكم صاحبي . وجاء أبو بصير يتلوه ، فسلم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : وفت ذمتك يا رسول الله ، وأدى الله عنك ، دفعتني إليهما فتعرفت أنهم سيعذبونني ويفتنونني عن ديني ، فقتلت المنقذي ، وأفلتني هذا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال " ، وجاء أبو بصير بسلبه فقال : خمس يا رسول الله ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إني إن خمسته لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه ، ولكن شأنك بسلب صاحبك ، واذهب حيث شئت . " فخرج أبو بصير معه خمسة نفر كانوا قدموا مسلمين من مكة حيث قدم ، ولم يطلبهم أحد ، وساروا حتى نزلوا بين العيص وذي المروة من أرض جهينة ، على طريق عيرات قريش مما يلي سيف البحر ، لا تمر بهم غير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها ، وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو - واسم أبى جندل العاص بن سهيل على ما أورده الزبير بن بكار - في سبعين راكبا أسلموا ، فلحقوا بأبى بصير حين بلغهم أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " ويل امه مسعر حرب لو كان معه رجال ، " فقطعوا مادة قريش من طريق الشام . وكان أبو بصير يصلي لأصحابه ، فلما قدم عليه أبو جندل كان هو يؤمهم ، واجتمع إلى أبى جندل ناس من بني غفار وأسلم وجهينة وطوائف من الناس ، حتى بلغوا ثلثمائة مقاتل ، وهم مسلمون ، فأقاموا مع أبى جندل وأبى بصير ، لا تمر بهم عير لقريش إلا أخذوها وقتلوا أصحابها ، وقال أبو جندل في ذلك :

الصفحة 174