كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 175 """"""
أبلغ قريشا عن أبى جندل . . . أنا بذي المروة بالساحل
في معشر تخفق راياتهم . . . بالبيض فيها والقنا الذبل
يأبون أن تبقى لهم رفقة . . . من بعد إسلامهم الواصل
أو يجعل الله لهم مخرجا . . . والحق لا يغلب بالباطل فيسلم المرء بإسلامه . . . أو يقبل المرء ولم يأتل
فأرسلت قريش إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تسأله بأرحامهم إلا آراهم ، وقالوا : لا حاجة لنا بهم . قال البيهقي : وقالوا : من خرج منا إليك فأمسكه غير حرج أنت فيه ، فإن هؤلاء الركب قد فتحوا علينا بابا لا يصلح إقراره . فلما كان ذلك من أمرهم ، علم الذين كانوا أشاروا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القضية أن طاعة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خير لهم فيما أحبوا وكرهوا . وحكى البيهقي : أن هؤلاء هم الذين مر بهم أبو العاص بن الربيع فأخذوا ما معه ، فلما بلغهم ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أطلقوا من أسروا من أصحاب أبى العاص ، وردوا إليهم جميع ما أخذوه حتى العقال ، وقد تقدم خبر أبى العاص ، وقيل : إنما أخذ في هذه السرية . والله أعلم .
قال : وكتب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كتابا إلى أبى بصير وأبى جندل يأمرهما أن يقدما عليه ، ويأمر من معهما ممن اتبعهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم ، ولا يعترضوا لأحد مر بهم من قريش وعيراتهم . فقدم كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على أبى جندل وأبى بصير ، وأبو بصير قد أشرف على الموت ، فمات وكتاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في يده يقرؤه ، فدفنه أبو جندل مكانه ، وجعل عند قبره مسجدا ، وقدم أبو جندل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومعه ناس من أصحابه ، ورجع سائرهم إلى أهليهم ، وأمنت عيرات قريش .
ذكر غزوة خيبر وفتحها وما يتصل بذلك
قال محمد بن سعد : غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في جمادى الأولى سنة سبع من مهاجره . وقال محمد بن إسحاق وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي : في المحرم من السنة . وخيبر على ثمانية برد من المدينة .
قالوا : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه بالتهيؤ لغزاة خيبر ، وأجلب من حوله