كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 176 """"""
يريدون الغزاة معه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لايخرجن معنا إلا راغب في الجهاد ، " وشق ذلك على من بقى بالمدينة من اليهود ، فخرج واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري ، قاله ابن سعد والبيهقي . وقال ابن إسحاق : استخلف نميلة بن عبد الله الليثي ؛ وأخرج معه من أزواجه أم سلمة رضى الله عنها .
قال ابن إسحاق : لما سار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى خيبر قال في مسيره لعامر بن الأكوع - وهو عم سلمة بن الأكوع ، واسم الأكوع سنان - " انزل يآبن الأكوع ، فخذ لنا من هناتك ، " فنزل يرتجز برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال :
والله لولا الله ما اهتدينا . . . ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا . . . وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا . . . وثبت الأقدام إن لاقينا
فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : يرحمك ربك . ومن رواية البيهقي : غفر لك ربك . قال : وما خص بها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحدا قط إلا استشهد . قال ابن إسحاق : فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : وجبت والله يا رسول الله ، لو متعتنا بعامر ؛ فقتل يوم خيبر شهيدا ، رجع سيفه عليه وهو يقاتل ، فكلمه كلما شديدا فمات .
قال : ولما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من المدينة سلك على عصر فبنى له مسجدا ، ثم على الصهباء ، ثم أقبل بجيشه حتى نزل بواد يقال له : الرجيع ، فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر ، وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : فلما سمعت غطفان بمنزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من خيبر جمعوا ، ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه ، حتى إذا ساروا منقلة سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا ، وظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم ، فرجعوا على أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم ، وخلوا بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبين خيبر .