كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 177 """"""
قال : ولما أشرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على خيبر قال لأصحابه : قفوا فوقفوا ، ثم قال : " اللهم رب السموات وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما ذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله . " قال : ولما نزل بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة ، ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس ، وأصبحوا وأفئدتهم تخفق ، وفتحوا حصونهم ، وغدوا إلى أعمالهم ، معهم المساحي ، والكرازن - وهي الفئوس - والمكاتل - وهي الزنابيل - فلما نظروا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قالوا : محمد والخميس - يعنون الجيش - فولوا هاربين إلى حصونهم ، وجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ، " ووعظ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس ، وفرق فيهم الرايات ، ولم تكن الرايات إلا يوم خيبر ، إنما كانت الألوية ، فكانت راية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) السواء من برد لعائشة أم المؤمنين رضى الله عنها تدعى العقاب ، ولواؤه أبيض ، ودفعه إلى علي بن أبى طالب ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، وراية إلى سعد بن عباد ؛ وكان شعارهم : يا منصور أمت ، وكانت حصون خيبر حصونا ذوات عدد ، منها النطاة ، وحصن الصعب ابن معاذ ، وحصن ناعم ، وحصن قلعة الزبير ، هذه حصون النطاة . والشق وبه حصون منها : حصن أبى ، وحصن النزار . وحصون الكتيبة منها : القموص ، والوطيح ، وسلالم . وسنذكر إن شاء الله فتحها حصنا حصنا . قال : وخرج مرحب اليهودي من حصنهم ، قد جمع سلاحه وهو يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب . . . شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب . . . إذا الليوث أقبلت تحرب
إن حماى للحمى لا يقرب

الصفحة 177