كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 178 """"""
ثم يقول : هل من مبارز ؟ فأجابه كعب بن مالك وهو يقول :
قد علمت خيبر أني كعب . . . مفرج الغمى جرئ صلب
إذ شبت الحرب تليها الحرب . . . معي حسام كالعقيق عضب
نطاكم حتى يذال الصعب . . . نعطي الجزاء أو يفئ النهب
بكف ماض ليس فيه عتب
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : من لهذا ؟ فقال محمد بن مسلمة : أنا له يا رسول الله ، أنا والله الموتور الثائر ، قتل أخي بالأمس ؛ قال : فقم إليه ، اللهم أعنه عليه . فخرج إليه حتى دنا منه ، فحمل مرحب عليه فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فأمسكت سيفه ، وضربه محمد بن مسلمة فقتله . وقد روى أن الذي قتل مرحبا علي بن أبى طالب رضى الله عنه ، وذلك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أعطى اللواء عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، ونهض معه من الناس ، فلقوا أهل خيبر ، فانكشف عمر وأصحابه ، فرجعوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، يجيبه أصحابه ويجبنهم ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، فأخذ أبو بكر رضى الله عنه راية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم نهض فقاتل قتالا شديدا ثم رجع ، فأخذها عمر رضى الله عنه فقاتل قتالا شديدا أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فأخبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك ، فقال : " أما والله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة . " وفي رواية قال : يفتح الله على يديه . فبات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أين أبى طالب ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ؛ قال : فأرسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليه سلمة بن الأكوع فدعاه ، فجاء على بعير له حتى أناخ قريبا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو أرمد ، قد عصب عينيه بشقة برد قطري ، قال سلمة : فجئت به أقوده إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : مالك ؟ قال : رمدت ؛ فقال : ادن مني فدنا منه فتفل في عينيه ، ودعا

الصفحة 178