كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 181 """"""
تؤمنني على أن أدلك على ما تستريح به من أهل النطاة ، وتخرج إلى أهل الشق ؟ فإن أهل الشق قد هلكوا رعبا منك ، فأمنه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على أهله وماله ، فقال اليهودى : إنك لو أقمت شهرا ما بالوا ، لهم دبول تحت الأرض ، يخرجون بالليل فيشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك ، فإذا قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك . فسار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى دبولهم فقطعها ، فلما قطع عليهم مشاربهم خرجوا فقاتلوا أشد قتال ، وقتل من المسلمين يومئذ نفر ، وأصيب من يهود في ذلك اليوم عشرة ، وآفتتحه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكان آخر حصون النطاة ؛ فلما فرغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من النطاة تحول إلى أهل الشق ، وبه حصون ، فكان أول حصن بدأ به ( صلى الله عليه وسلم ) حصن أبى ، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على قلعة يقال لها سموان ؛ فقاتل عليها أهل الحصن قتالا شديدا ، وخرج رجل من اليهود يقال له غزول ؛ فدعا إلى البراز ، فبرز له الحباب بن المنذر ، فآختلفا ضربات ، ثم حمل عليه الحباب فقطع يده اليمنى من نصف الذراع ، فسقط السيف من يده وهرب إلى الحصن ، فتبعه الحباب فقطع عرقوبيه ، فوقع ، فذفف عليه ، فخرج آخر فصاح : من يبارز ؟ فبرز له رجل من المسلمين من آل جحش ، فقتل الجحشي ، وقام مكانة يدعو إلى البراز ، فبرز له أبو دجانة ، قد عصب رأسه بعصابة حمراء فوق المغفر ، يختال في مشيته ، فبدره أبو دجانة فضربه فقطع رجليه ، ثم ذفف عليه وأخذ سلبه ؛ درعه وسيفه : فنفله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك ، وأحجموا عن البراز ، فكبر المسلمون ، ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه ، يقدمهم أبو دجانة الأنصاري ، فوجدوا فيه أثاثا ومتاعا وغنما وطعاما ، وهرب من كان فيه من المقاتلة ، وتقحموا الجدار كأنهم الظبي إلى حصن النزار ، فغلقوه وامتنعوا فيه ، وزحف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في أصحابه فقاتلهم ، فكانوا أشد أهل الشق رميا بالنبل والحجارة ، حتى أصاب النبل ثياب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعلقت به ، فأخذ النبل فجمعها ، ثم أخذ كفا من حصباء ، فحصب به حصنهم فرجف الحصن بهم ، ثم ساخ في الأرض حتى جاء المسلمون ، فأخذوا أهله أخذا أهله أخذا ، ثم تحول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أهل الكتيبة ، فافتتح القموص ، حصن