كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 182 """"""
أبى الحقيق ، وأتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منه بصيفية بنت حي بن أخطب . قالوا : ولما آفتتح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من حصونهم ما آفتتح ، وحاز من الأموال ما حاز ، آنتهوا إلى حصنيهم : الوطيح والسلالم ، وكانا آخر حصون أهل خيبر آفتتاحا ، فحاصرهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بضع عشرة ليلة حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يسيرهم ، وأن يحقن دماءهم . قال البيهقي : حصرهم أربعة عشر يوما وهم لا يطلعون من حصونهم ، حتى هم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن ينصب المنجنيق عليهم ، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا الصلح ، وأرسل آبن أبى الحقيق إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أنزل فأكلمك ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : نعم ، فنزل كنانة بن الربيع آبن أبى الحقيق فصالح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة ، وترك الذرية لهم ، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ، ويخلون بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبين ما كان لهم من مال وأرض ، وعلى الصفراء بيضاء والكراع والحلقة ، وعلى البز إلا ثوبا على ظهر إنسان ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا " فصالحوه على ذلك . وكان عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق كنز بنى النضير ، فسأله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عنه ، فجحد أن يكون يعلم مكانه ، وقال : نفذ في النفقة والحروب ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كان أكثر من ذلك ، " ثم جاء رجل من يهود إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : يا رسول الله ، إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لكنانة : " أرأيت إن وجدناه عندك ، أقتلك ؟ " قال : نعم ؛ فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالخربة فحفرت ، فأخرج منها بعض كنزهم ، ثم سأله عما بقى ، فأبى أن يؤديه ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الزبير بن العوام به ، فقال : " عذبه حتى تستأصل ما عنده ، " فكان يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ، ثم دفعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى محمد بن مسلمة ، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة . ويقال : ذلك بعد فتح حصن القموص ، وقبل فتح الوطيح والسلالم .
قال محمد بن إسحاق : ولما نزل أهل خيبر على الصلح سألوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يعاملهم في الأموال على النصف ؛ على أنا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم ، قال : ولما سمع أهل فدك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) آفتتح حصون خيبر بعثوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، يسألونه أن يسيرهم ، وأن يحقن دماءهم ، ويخلوا له الأموال ، ففعل ؛ وكان ممن مشى

الصفحة 182