كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 184 """"""
حكاه محمد بن إسحاق وأبو بكر البيهقي رحمهما الله : أنه أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو محاصر لبعض حصون خيبر ، ومعه غنم كان فيها أجيرا لرجل من يهود ، فقال : يا رسول الله ، اعرض على الإسلام ؛ فعرضه عليه ، فقال : فماذا لي إن أنا شهدت وآمنت بالله ؟ قال : لك الجنة إن أنت مت على ذلك ، فأسلم وقال : يا رسول الله ، إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم ، وهي أمانة عندي ، فكيف أصنع بها ؟ قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أخرجها من عسكرنا ، واحصب وجوهها ، فإن الله سيؤدي عنك أمانتك ، وسترجع إلى ربها . " ففعل الأسود وقال : ارجعي إلى صاحبك ، فو الله لا أصحبك ، فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن . ثم تقدم إلى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين ، فأصابه حجر فقتله ، وما صلى لله صلاة قط ، فأتى به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فوضع خلفه ، وسجى بشملة كانت عليه ، فالتفت إليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ثم أعرض عنه ، فقالوا : يا رسول الله ، لم أعرضت عنه ؟ قال : " إن معه الآن زوجته من الحور العين . " وقتل من يهود ثلاثة وأربعون ، منهم : الحارث أبو زينب ، ومرحب ، وأسير ، وياسر ، وعامر ، وكنانة بن أبى الحقيق ، وأخوه .
ذكر قسم غنائم خيبر
قال محمد بن سعد : أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالغنائم فجمعت ، واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضي ، وأمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء ، وكتب في سهم منها لله ، وسائر السهمان أغفال ، فكان أول ما خرج سهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأمر ببيع الأربعة أخماس فيمن يزيد ، فباعها فروة ، وقسم ذلك بين أصحابه ؛ وكان الذي ولي إحصاء الناس زيد بن ثابت ، فأحصاهم ألفا وأربعمائة رجل ، والخيل مائتي فرس ، فكانت السهمان على ثمانية عشر سهما ، لكل مائة سهم ، وكان الخمس الذي صار إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعطي منه على ما أراه الله .
وقال محمد بن إسحاق : كانت المقاسم على أموال خيبر ، على الشق ونطاة والكتيبة ، فكانت الكتيبة خمس الله ، وسهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وذوى القربى واليتامى والمساكين ، وطعم أزواج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وطعم رجال مشوا بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبين أهل فدك بالصلح ، منهم محيصة بن مسعود ، أعطاه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منها ثلاثين وسقا من