كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 187 """"""
بهم المسلمون بأسا في معاملتهم ، حتى عدوا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على عبد الله بن سهيل ، أخي بني حارثة ، فقتلوه ، وكان قد خرج إليها في أصحاب له يمتار منها تمرا ، فوجد في عين قد كسرت عنقه ، فاتهمهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمسلمون بقتله ، وجاء أخوه عبد الرحمن بن سهيل ، وابنا عمه حويصة ومحيصة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فتكلم عبد الرحمن - وكان أصغرهم ، وهو صاحب الدم - فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : كبر كبر فسكت ، وتكلم حويصة ومحيصة ، ثم تكلم بعدهما ، فذكروا قتل صاحبهم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أتسمعون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلمه إليكم ؟ " قالوا : يا رسول الله ، ما كنا لنحلف على مالا نعلم ؛ قال : " أفيحلفون بالله خمسين يمينا ما قتلوه ، ولا يعلمون له قاتلا ، ثم يبرءون من دمه ؟ " ، فقالوا : يا رسول الله ، ما كنا لنقبل أيمان يهود ، ما هم فيه من الكفر أعظم أن يحلفوا على إثم . قال : فوداه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمائة ناقة .
قال : واستقرت خيبر بيد يهود على ما عاملهم عليها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مدة حياته ، ثم أقرها أبو بكر رضى الله عنه بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأيديهم على المعاملة ، ثم أقرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه صدرا من خلافته ، ثم بلغه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال في وجعه الذي قبضه الله فيه : لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ؛ ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت ، فأرسل إلى يهود ، فقال : إن الله قد أذن في إجلائكم ، قد بلغني أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان " فمن كان عنده عهد من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من اليهود فليأتنى به أنفذه له ، ومن لم يكن له عهد منه فليتجهز للجلاء . فأجلى عمر بن الخطاب من لم يكن عنده عهد من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
هذا ما كان من أمر خيبر على سبيل الاختصار ، فلنذكر ما اتفق بعد فتح خيبر مما يتعين إلحاقه بهذه الغزوة لتعلقه بها ، فمن ذلك خبر الشاة التي سم فيها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقد قدمنا ذكر ذلك في أخبار يهود ، وهو في الجزء الرابع عشر من هذه النسخة ، ومنه خبر الحجاج بن علاط .
ذكر خبر الحجاج بن علاط وما أوصله إلى أهل مكة عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى استوفى أمواله
قالوا : وكان الحجاج بن علاط السلمى ثم البهزي أسلم وشهد خيبر مع رسول

الصفحة 187