كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 189 """"""
وانتثل ما فيها ، وصارت له ولأصحابه ؛ قال : ما تقول يا حجاج قلت : إي والله ، فاكتم عني ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا من أن أغلب عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك ، فهو والله على ما تحب . قال : وسرت حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له ، وتخلق وأخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى الكعبة ، فطاف بها ، فلما رأوه قالوا : يا أبا الفضل ، هذا والله التجلد لحر المصيبة ؛ قال : كلا ، والله الذي حلفتم به لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على آبنة ملكهم ، وأحرز أموالهم وما فيها ، فأصبحت له ولأصحابه . قالوا : من جاءك بهذا الخبر ؟ قال : الذي جاءكم بما جاءكم به ، ولقد دخل عليكم مسلما فأخذ ماله ، وانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه ؛ قالوا : يالعباد الله انقلت عدو الله ، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن . ولم يلبثوا أن جاءهم الخبر بذلك .
ذكر انصراف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن خيبر إلى وادي القرى ، ونومهم عن صلاة الصبح
قالوا : ولما فرغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من خيبر انصرف إلى وادي القرى ، فنزل به مع غروب الشمس ، ومعه غلام له يقال له : مدعم ؛ أهداه إليه رفاعة بن زيد الجذامي ، فبينا هو يضع رحل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أتاه سهم غرب فقتله ، فقال الناس : هنيئا له الجنة ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كلا والذي نفس محمد بيده إن شملته لتحترق عليه في النار . " كان غلها من فئ المسلمين يوم خيبر ، فسمعها رجل من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله ، أصبت شراكين لنعلين لي ؛ فقال : يقد لك مثلهما من النار . قال أبو بكر أحمد البيهقي رحمه الله بسند يرفعه إلى أبى هريرة رضى الله عنه ، وساق نحو الحديث في قتل مدعم ، ثم قال : وكانت يهود قد ثوى إليها ناس من العرب ، فاستقبلونا بالرمى حيث نزلنا ، ولم نكن على تعبئة ، وهم يصيحون من آطامهم ، فعبأ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه وصفهم للقتال ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ،

الصفحة 189