كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 190 """"""
وراية إلى الحباب بن المنذر ، وراية إلى سهل بن حنيف ، وراية إلى عباد بن بشر ، ثم دعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم ، وحقنوا دماءهم ، وحسابهم على الله . فبرز رجل منهم ، فبرز إليه الزبير ابن العوام فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه علي بن أبى طالب رضى الله عنه فقتله ثم برز آخر ، فبرز إليه أبو دجانة الأنصاري رضى الله عنه فقتله ، حتى قتل منهم اثنا عشر رجلا ، كلما قتل رجل منهم دعى من بقى إلى الإسلام . قال : ولقد كانت الصلاة تحضر يومئذ فيصلي بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله ، فقاتلهم ( صلى الله عليه وسلم ) حتى أمسى ، وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا بأيديهم ، وفتحها عنوة ، وغنم أموالهم ، وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا ، فأقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بوادي القرى أربعة أيام ، وقسم ما أصاب على أصحابه ، وترك الأرض والنخل بأيدي يهود ، وعاملهم عليها ، فلما بلغ يهود تيماء ما كان من أمر خيبر وفدك ووادي القرى صالحوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الجزية ، وأقاموا بأيديهم أموالهم ، ثم انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) راجعا إلى المدينة ؛ فلما كان ببعض الطريق قال من آخر الليل : من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام ؟ وجاء في الحديث : من رجل يكلأ لنا الليل ؟ فقال بلال : أنا يا رسول الله . فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ونزل الناس فناموا ، وقام بلال يصلي ، فصلى ما شاء الله أن يصلي ، ثم استند إلى بعيره واستقبل الفجر يرمقه فغلبته عينه فنام ، فلم يوقظهم إلا مس الشمس ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أول أصحابه استيقاظا ، فقال : ماذا صنعت بنا يا بلال ؟ فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك . قال : صدقت . ثم اقتاد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعيره غير كثير ثم أناخ ، فتوضأ وتوضأ الناس ، ثم أمر بلالا فأقام الصلاة ، فصلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالناس ، فلما سلم أقبل على الناس فقال : إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها ، فإن الله عز وجل يقول : " وأقم الصلاة لذكرى . " وفي الحديث : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين استيقظ واستيقظ أصحابه أمرهم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي ، وقال : إن هذا واد به شيطان فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ، ثم أمرهم أن ينزلوا وأن يتوضئوا . . . الحديث بنحو ما تقدم .
ذكر سرية عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى تربة
بعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شعبان سنة سبع من مهاجره في ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن بتربة - وهي ناحية العبلاء على أربع ليال من مكة ، طريق صنعاء ونجران - فأتى الخبر هوازن فهربوا ، وجاء عمر محالهم فلم يلق بها أحدا .
فانصرف راجعا إلى المدينة .

الصفحة 190