كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 192 """"""
بفدك ، فخرج فلفى رعاء الشاء ، فسأل عن الناس فقيل : في نواديهم ؛ فاستاق النعم والشاء ، وانحدر إلى المدينة ، فخرج الصريخ فأخبرهم فأدركهم الدهم منهم عند الليل ، فباتوا يرمونهم بالنبل حتى فنيت نبل أصحاب بشير وأصبحوا ، فحمل المريون عليهم فأصابوا أصحاب بشير ، وقاتل بشير حتى ارتث وضرب كعبه ، وقيل : قد مات . ورجعوا بنعمهم وشائهم ، وقدم علبة بن زيد الحارثي بخبرهم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قدم بعده بشير بن سعد .
ذكر سرية غالب بن عبد الله الليثي إلى الميفعة
بعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شهر رمضان سنة سبع من مهاجره إلى بني عوال ، وبنى عبد بن ثعلبة ، وهم بالميفعة ، وهي وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد ، وبينها وبين المدينة ثمانية برد .
بعثه في مائة وثلاثين رجلا ، ودليلهم يسار ، مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فهجموا عليهم جميعا ، ووقعوا وسط محالهم ، فقتلوا من أشرف لهم ، واستاقوا نعما وشاء فحدروه إلى المدينة ، ولم يأسروا أحدا . وفي هذه السرية قتل أسامة بن زيد الرجل الذي قال لا إله إلا الله ، وهو نهيك بن مرداس بن ظالم من بني ذبيان بن بغيض ، وقال ابن إسحاق : مرداس بن نهيك ؛ حليف لهم من الحرقة من جهينة .
ونقل أبو عمر بن عبد البر أنه عامر بن الاضبط الأشجعي ، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وداه . قال أسامة : أدركته أنا ورجل من الأنصار ، فلما شهرنا عليه السلاح قال أشهد أن لا إله إلا الله ؛ فلم ننزع عنه حتى قتلناه ، فلما قدمنا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرناه خبره ؛ فقال : يا أسامة ، من لك بلا إله إلا الله ؟ قال : قلت : يا رسول الله ، إنه إنما قالها تعوذا من القتل ؛ قال : فمن لك بها يا أسامة ؟ قال : فو الذي بعثه بالحق إنه مازال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن ، وكنت أسلمت يومئذ ، وأني لم أقتله . قال : قلت : أنظرني يا رسول الله ، إني أعاهد الله ألا أقتل رجلا يقول : لا إله إلا الله أبدا . قال : يقول بعدي يا أسامة ، قلت : بعدك .
وفي بعض طرق هذا الحديث أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لأسامة حين قال : يا رسول الله ، إنما قالها تعوذا من القتل هلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب .