كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 196 """"""
آلاف ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أمير القوم زيد بن حارثة ، فإن قتل فجعفر بن أبى طالب ، فإن قتل فعبد الله بن رواحة ، فإن قتل فليرتض المسلمون بينهم رجلا فيجعلوه عليهم ، " وعقد لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لواء أبيض وسلمه إلى زيد بن حارثة ، وأوصاهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير ، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام فإن أجابوا ، وإلا فآستعينوا عليهم بالله وقاتلوهم ، وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مشيعا لهم حتى بلغ ثنية الوداع ، فوقف وودعهم وآنصرف عنهم ، فقال عبد الله بن رواحة :
خلف السلام على آمرئ ودعته . . . في النخل خير مودع وخليل
فلما ساروا من معسكرهم نادى المسلمون : دفع الله عنكم ، وردكم صالحين غانمين .
فقال آبن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة . . . وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
في أبيات أخر .
قال : فلما فصلوا من المدينة سمع العدو بمسيرهم ، فجمعوا لهم ، وقام فيهم شر حبيل بن عمرو فجمع أكثر من مائة ألف ، وقدم الطلائع أمامه ، وقد نزل المسلمون معان من أرض الشام ، وبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من بهراء ووائل وبكر ولخم وجذام والقين ، عليهم رجل من بلى ثم أحد إراشة ؛ يقال له : مالك بن زافلة ، فأقاموا ليلتين لينظروا في أمرهم ، وقالوا : نكتب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فشجعهم عبد الله ابن رواحة ، وقال : يا قوم ، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون ؛ الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين : إما ظهور ، وإما

الصفحة 196