كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 20 """"""
أعدادهم ، فما خير العيش بعد ذلك ؟ فروا رأيكم . فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس ؛ فأتى عتبة بن ربيعه فقال : يا أبا الوليد انك كبير قريش وسيدها ، والمطاع فيها ، هل لك ألا تزال تذكر منها بخير إلى آخر الدهر ؟ قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي . قال : قد فعلت ، على عقلة ؛ فأت أبن الحنظلية ، يعنى أبا جهل بن هشام ، قال : فأتيته فقلت : يا أبا الحكم ، قد أرسلني إليك عتبة بكذا وكذا ، فقال : انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه ، كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، ثم بعث إلى عامر الحضرمي فقال : هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينيك ، فقم فأنشد خفرتك ، ومقتل أخيك . فقام عامر فأكتشف ثم صرخ : واعمراه واعمراه فحميت الحرب وحقب أمر الناس ، وأستو سقوا على ماهم عليه من الشر . قال : فخرج الأسود بن عبد الأسد المخزومى ، وكان رجلا شرسا سيئ الخلق ، فقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه ، أو أموتن دونه ، فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب ، فلما التقيا ضربه حمرة فأطن قدمه بنصف ساقه ، وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره ، ثم جاء إلى الحوض يريد أن يبر يمينه ، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله . ثم خرج بعده عتبة بن ربيعه ، بين أخيه شيبة بن ربيعه ، وأبنه الوليد بن عتبة ، حتى إذا برز من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه ثلاثة من الأنصار ، وهم : عوف ومعوذ أبناء الحارث ، وعبد الله بن رواحة ، فقالوا : من أنتم ؟ فقالوا : رهط من الأنصار ؛ قالوا : مالنا بكم من حاجة ، ثم نادى مناديهم : يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ، فأخرج لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عمه حمزة بن عبد المطلب ، وعلى بن أبى طالب ، وعبيد بن الحارث ، فلما دنوا منهم قالوا : من أنتم ؟ فسمى كل رجل منهم نفسه ، قالوا : نعم أكفاء كرام ؛ فبارز عبيدة - وكان أسن القوم - عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز على الوليد بن عتبة ، فأما حمزة وعلىّ فانهما لم يمهلا مبارزيهما أن قتلاهما ، وأختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما

الصفحة 20