كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 200 """"""
بكر وعمر ، وأمره أن يلحق بعمرو ، وأن يكونا جميعا ولا يختلفا ، فلحق بعمرو ؛ فأراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ، فقال عمرو : إنما قدمت على مددا ، وأنا الأمير ، فأطاع له بذلك أبو عبيدة ، وسار حتى وطئ بلاد بلى ، ودوخها حتى أتى إلى أقصى بلادهم وبلاد عدرة وبلقين ، ولقى في آخر ذلك جمعا ، فحمل عليهم المسلمون ، فهربوا في البلاد وتفرقوا ، ثم قفل وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما غزاتهم .
ذكر سرية أبي عبيدة بن الجراح ، وهي سرية الخبط
بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبا عبيدة بن الجراح في شهر رجب سنة ثمان من الهجرة في ثلثمائة من المهاجرين والأنصار ، وفيهم عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - إلى حي من جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر ، وبينها وبين المدينة خمس ليال ، فأصابهم في الطريق جوع شديد ، فأكلوا الخبط ، وآبتاع قيس بن سعد جزرا ونحرها لهم .
روى عن عبادة بن الصامت قال : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سرية إلى سيف البحر ، عليهم أبو عبيدة بن الجراح ، وزودهم جرابا من تمر ، فجعل يقوتهم إياه حتى صاروا إلى أن يعيده لهم عدا ، ثم نفد التمر حتى كان يعطي كل رجل منهم كل يوم تمرة ، فقسمها يوما بيننا ، فنقصت تمرة عن رجل ، قال : فوجدنا فقدها ذلك اليوم ، فلما جهدنا الجوع أخرج الله لنا دابة من البحر فأصبنا من لحمها وودكها ، فأقمنا عليها عشرين ليلة حتى سمنا وآبتللنا ، وأخذ أميرنا ضلعا من أضلاعها فوضعه على طريقه ، ثم أمر بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا ، فخرج من تحتها وما مست رأسه ، فلما قدمنا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أخبرناه خبرها ، وسألناه عما صنعنا في ذلك من أكلنا إياها ، فقال : رزق رزقكموه الله .
قال ابن سعد : وانصرفوا ولم يلقوا كيدا .

الصفحة 200