كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 202 """"""
رأس آثنين وعشرين شهرا من صلح الحديبية .
وسبب ذلك أنه لما دخل شعبان من هذه السنة كلمت بنو نفاثة - وهم من بنى بكر - أشراف قريش أن يعينوهم على خزاعة بالرجال والسلاح ، وكانت خزاعة قد دخلت في عقد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعهده يوم الحديبية كما قدمنا ذكر ذلك ، ودخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدها ، قالوا : فلما سألوهم ذلك وسدوهم ووافوهم بالوتير متنكرين متنقبين ، فيهم صفوان بن أمية ، وحويطب بن عبد العزى ، ومكرز بن حفص بن الأخيف ، فبيتوا خزاعة ليلا ، وهم غارون آمنون فقتلوا منهم عشرين رجلا ، ثم ندمت قريش على ما صنعت ، وعلموا أن هذا نقض للمدة والعهد الذي بينهم وبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا من خزاعة ، فقدموا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه .
قال ابن إسحاق : قدم عمرو بن سالم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة ، فوقف ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جالس في المسجد بين ظهراني الناس ، فقال :
يا رب إني ناشد محمدا . . . حلف أبينا وأبيه الأتلدا
قد كنتم ولدا وكنا والدا . . . ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فآنصر هداك الله نصرا أبدا . . . وآدع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا . . . إن سيم خسفا وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا . . . إن قريشا أحلفوك الموعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا . . . وجعلوا لي في كداء رصدا
وزعموا أن لست أدعو أحدا . . . وهم أذل وأقل عددا

الصفحة 202