كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 205 """"""
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الخبر من السماء بما صنع حاطب ، فبعث علي بن أبى طالب ، والزبير بن العوام رضى الله عنهما ، وقال : أدركا آمرأة قد كتب معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا في أمرهم ، فخرجا فأدركاها بالخليقة ، خليقة بني أبى أحمد ، فآستنزلاها وآلتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا ، فقال لها علي : أحلف بالله لتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنفتشنك ، فقالت : أعرض عني ، فأعرض ، فجلت قرون رأسها فآستخرجت الكتاب ودفعته إليه ، فأتيا به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فدعا حاطبا فقال : ما حملك على هذا ؟ . قال : يا رسول الله ، أما والله إني لمؤمن بالله وبرسوله ، ما غيرت وما بدلت ، ولكنني آمرؤ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة ، ولي بين أظهرهم ولد وأهل ، فصانعتهم عليهم ، فقال عمر : يا رسول الله ، دعني أضرب عنقه ، فإن الرجل قد نافق ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد آطلع على أصحاب بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . " هذه رواية محمد بن إسحاق .
وقال الشيخ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي رحمه الله : إن المرأة سارة مولاة عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف ، وإنها أتت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من مكة إلى المدينة ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يتجهز لفتح مكة ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أمسلمة جئت ؟ قالت : لا . قال : أمهاجرة جئت ؟ قالت : لا ؛ قال : فما حاجتك ؟ قالت : كنت كثيرة العشيرة والأصل والموالى ، وقد ذهبت موالى ، وآحتجت حاجة شديدة ، فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني . قال لها : فأين أنت من شباب أهل مكة ، وكانت مغنية نائحة ، قالت : ما طلب مني شئ بعد وقعة بدر : فحث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بني عبد المطلب وبني المطلب فكسوها وحملوها وأعطوها نفقة ؛ فأتاها حاطب بن أبى بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزي ، فكتب معها إلى أهل مكة كتابا ، وأعطاها عشرة دنانير . قال الثعلبي : هذه رواية زاذان عن آبن عباس رضى الله عنهما ، قال : وقال مقاتل بن حيان : أعطاها عشرة دراهم وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة ، وكتب في الكتاب : من حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة ، إن رسول الله يريدكم ، فحذروا حذركم . فخرجت سارة ، ونزل جبريل ، فأخبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بما فعل حاطب ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليا ، وعمر ، والزبير ، وطلحة ، وعمارا ، والمقداد بن الأسود ، وأبا مرثد ، وكانوا كلهم فرسانا ، وقال لهم : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ

الصفحة 205