كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 210 """"""
قال : ولما بلغ إنشاده قوله : من طردت كل مطرد ضرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في صدره وقال : أنت طردتني كل مطرد .
قال : ولما نزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مر الظهران نزلها عشيا ، وأمر أصحابه فأوقدوا عشرة آلاف نار ، وقد عميت الأخبار عن قريش فلا يأتيهم خبر عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال العباس بن عبد المطلب : واصاح قريش ، والله لئن دخل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر .
قال العباس : فجلست على بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) البيضاء ، فخرجت عليها حتى جئت الأراك ، فقلت : لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن ، أو ذا حاجة يأتي مكة ، فيخبرهم بمكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة .
ذكر مجئ العباس بأبى سفيان بن حرب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإسلام أبى سفيان ، وخبر الفتح
قال العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه : وكان أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء قد خرجوا في تلك الليالي يتحسسون الأخبار ، وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به ، فو الله إني لأسير على بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ألتمس ما خرجت له ، إذ سمعت كلام أبى سفيان وبديل ابن ورقاء وهما يتراجعان ، وأبو سفيان يقول : ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا ، فيقول له بديل : هذه والله خزاعة قد حمستها الحرب ، فيقول أبو سفيان : خزاعة أذل وأقل أن تكون هذه نيرانها وعسكرها ، قال العباس : فعرفت صوته ، فقلت : يا أبا حنظلة ، فعرف صوتي ، فقال : يا أبا الفضل ، قلت : نعم ، قال : مالك فداك أبى وأمي قلت : ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس ، واصباح قريش والله قال : فما الحيلة فداك أبى وأمي ، قال : قلت : والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك ، فآركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأستأمنه لك ؛ قال : فركب خلفي ، ورجع صاحباه ؛ قال : فجئت به ، كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا : من هذا ؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأنا عليها قالوا : عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على بغلته ، حتى مررت بنار عمر آبن الخطاب .

الصفحة 210