كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
لكثرة الحديد وظهوره فيها - وهم لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد ، فقال : سبحان الله يا عباس من هؤلاء ؟ قلت : هذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في المهاجرين والأنصار ، فقال : ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك آبن أخيك الغداة عظيما . قلت : ويحك إنها النبوة ، قال : فنعم إذا ، ثم قلت : النجاء إلى قومك ، فسار حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه ، فقالت : اقتلوا الحميت الدسم الأحمس ، قبح من طليعة قوم قال : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به ، فمن دخل دارى فهو آمن ، قالوا : قاتلك الله وما تغنى عنا دارك ؟ قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن . فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد . والله يؤيد بنصره من يشاء .
ذكر دخول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مكة شرفها الله تعالى صلحا ، ودخول خالد بن الوليد ومن معه من القبائل عنوة
قال : ولما آنتهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ذي طوى ، وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء وإنه ليضع رأسه تواضعا لله تعالى حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح ، حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسط الرحل ، ثم فرق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الجيش من ذي طوى ، وكانت راية رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يومئذ مع سعد بن عبادة رضى الله عنه ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الزبير بن العوام ، وكان على المجنبة اليسرى أن يدخل في بعض الناس من كدى ، وأمر سعد بن عبادة أن يدخل ببعض الناس من كداء ، فلما وجه سعد للدخول قال : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، وفي رواية تستحل الكعبة ؛ فسمعها عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال : يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة ، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعلي بن أبى

الصفحة 212