كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 216 """"""
ذكر من أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقتلهم يوم فتح مكة وسبب ذلك ، ومن قتل منهم ، ومن نجا بإسلامه
قالوا : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أمر أصحابه بقتل ستة نفر وأربع نسوة ، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة ، وهم : عكرمة بن أبى جهل ، وهبار ابن الأسود ، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح ، ومقيس بن صبابة الليثي ، والحويرث ابن نقيذ بن وهب ، وعبد الله بن هلال بن خطل الأدرمى ، وهند بنت عتبة ، وسارة مولاة عمرو بن هشام ، وفرتنى ، وقريبة .
فأما عكرمة بن أبى جهل فإنه هرب إلى اليمن ، وأسلمت آمرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، فاستأمنت له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأمنه ، فخرجت في طلبه إلى اليمن حتى أتت به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأسلم وحسن إسلامه . حكى الزبير بن بكار قال : لما أسلم عكرمة قال : يا رسول الله ، علمني خير شئ تعلمه أقوله ؛ فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، " فقال عكرمة : أنا أشهد بهذا ، واشهد بذلك من حضرني ، وأسالك يا رسول الله أن تستغفر له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فقال عكرمة : والله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ، ولا قتالا قاتلته إلا قاتلت ضعفه ؛ ثم آجتهد في الجهاد والعبادة حتى آستشهد رحمه الله في خلافة عمر بن الخطاب بالشام ؛ وقيل : استشهد في آخر خلافة أبى بكر ، قيل : في يوم اليرموك . وقيل : في يوم مرج الصفر ، وقيل : أجنادين . والله أعلم .
وأما عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، فإنه كان قد أسلم ، وكان يكتب لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الوحي ؛ فارتد ورجع إلى قريش ، فلما كان يوم الفتح فر إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وهو أخوه من الرضاعة ، فغيبه حتى أتى به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأستأمن له بعد أن آطمأن الناس ؛ فزعموا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صمت طويلا ، ثم قال : نعم ؛ فلما انصرف عنه عثمان قال لمن حوله من أصحابه : لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه ، فقال رجل من الأنصار : فهلا أومأت إلي يا رسول الله ؟ فقال : إن النبي لا يقتل بالإشارة ، ثم أسلم عبد الله بن سعد بعد ذلك .