كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
عبده ؟ قال : غمسه يده في العدو حاسرا . فنزع درعا كانت عليه ، وأخذ سيفه فقاتل حتى قتل . قال : ثم أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا ، ثم قال : شاهت الوجوه ، ثم نفحهم بها ، وأمر أصحابه فقال : شدوا ؛ فكانت الهزيمة على قريش ، فقتل الله من صناديد قريش من قتل ، وأسر من أسر . قال محمد بن سعد : قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : لما نزلت : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، قلت : وأىّ جمع يهزم ومن يغلب ؟ فلما كان يوم بدر نظرت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يثب في الدرع وثبا وهو يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، فعلمت أن الله تعالى سيهزمهم . قال : ولما وضع القوم أيديهم يأسرون ، ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش ، متوشح السيف ، في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، يخافون عليه كرة العدو ، فرأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له : لكأنى بك يا سعد تكره ما يصنع القوم ؛ قال : أجل : والله يا رسول الله ، كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك ، فكان الاثخان في القتل أحب إلى من أستبقاء الرجال . وفي هذا اليوم أنزل الله تعالى الملائكة فقاتلوا مع المسلمين . قال محمد بن سعد : لما صف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه وعبأهم للحرب ، جاءت ريح لم ير مثلها شدة ثم ذهبت ، فجاءت ريح أخرى ، فكانت الأولى جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، والثانية ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، والثالثة أسرا فيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان سيما الملائكة يومئذ عمائم قد أرخوها بين أكتافهم : خضر وصفر وحمر من نور ، والصوف في نواصي خيلهم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : إن الملائكة قد سومت فسوموا . فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم .

الصفحة 22