كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 220 """"""
أولادها ؛ يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نحوة الجاهلية وتعظمها بالآباء . الناس من آدم ، وآدم من تراب ، ثم تلا قوله تعالى : " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ؛ " ثم قال : يا معشر قريش ؛ ما ترون أني فاعل فيكم ؟ أخ كريم وآبن أخ كريم ؛ قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ؛ ثم جلس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في المسجد ، فقام إليه علي بن أبى طالب رضى الله عنه ومفتاح الكعبة في يده ، فقال : يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ؛ فقال : أبن عثمان بن طلحة ؟ فدعى له ، فقال : هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء ؟ حكاه محمد بن إسحاق . وقال محمد بن سعد : دفع إليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المفتاح وقال : " خذوها يا بني أبى طلحة تالدة خالدة ، لا ينزعها منكم إلا ظالم ؛ " ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب .
قال عبد الملك بن هشام : حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل البيت يوم الفتح فرأى فيه صور الملائكة وغيرهم ، فرأى إبراهيم عليه السلام مصورا في يده الأزلام يستقسم بها ، فقال : قاتلهم الله ، جعلوا شيخنا يستقسم بالأزلام ، ما شأن إبراهيم والأزلام ، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ثم أمر بتلك الصور كلها فطمست .
قال : ودخل الكعبة ومعه بلال بن رباح ، فأمره أن يؤذن ، فأذن وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة ، فقال عتاب بن أسيد : أكرم الله أسيدا ألا يكون سمع هذا فيسمع ما يغيظه ؛ فقال الحارث : أما والله لو أعلم أنه محق لآتبعته ؛ فقال أبو سفيان : لا أقول شيئا لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصى ؛ فخرج عليهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : " قد علمت الذي قلتم ، " ثم ذكر ذلك لهم ، فقال الحارث وعتاب : نشهد أنك رسول الله ، والله ما آطلع على هذا أحد كان معنا فنقول : أخبرك .
وقال أبو محمد بن هشام بسند يرفعه إلى آبن عباس رضى الله عنهما : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل مكة يوم الفتح على راحلته ، فطاف عليها وحول البيت أصنام مشدودة بالرصاص ، فجعل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يشير بقضيب في يده إلى الأصنام ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، " فما أشار ( صلى الله عليه وسلم ) إلى صنم منها في وجهه إلا وقع لقفاه ، ولا لقفاه إلا وقع لوجهه .
حتى ما بقى منها صنم إلا وقع .

الصفحة 220