كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 222 """"""
أنت في الباطل ويحك وهل يسمع أو يبصر ؟ قال : فدنوت منه فكسرته ، وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا ؛ ثم قلت للسادن : كيف رأيت ؟ قال : أسلمت لله .
ذكر سرية سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة
بعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شهر رمضان أيضا إلى مناة - وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان - ليهدمها ، فخرج في عشرين فارسا حتى آنتهى إليها وعليها سادن ، فقال له السادن : ما تريد ؟ قال : هدم مناة ؛ قال : أنت وذاك ، فأقبل سعد يمشي إليها ، وتخرج إليه آمرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها ؛ فقال السادن : مناة دونك بعض غضباتك ؛ ويضربها سعد بن زيد فيقتلها ، ويقبل إلى الصنم معه أصحابه ، ولم يجدوا في خزانتها شيئا ، وآنصرف راجعا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكان ذلك لست بقين من شهر رمضان .
ذكر سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر ابن عبد مناة بن كنانة ، وهو يوم الغميصاء
قالوا : لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى ، ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مقيم بمكة ، بعثه في شوال إلى بني جذيمة بن عامر ، وكانوا أسفل مكة على ليلة منها بناحية يلملم ؛ داعيا إلى الإسلام ، ولم يبعثه مقاتلا ، فخرج في ثلثمائة وخمسين رجلا من المهاجرين والأنصار وبني سليم ، فآنتهى إليهم خالد بن الوليد ، فقال : ما أنتم ؟ قالوا : مسلمون ، قد صلينا وصدقنا بمحمد ، وبنينا المساجد في ساحاتنا ، وادنا فيها ؛ قال : فما بال السلاح عليكم ؟ فقالوا : إن بيننا وبين بعض العرب عداوة ، فخفنا أن تكونوا هم ، فأخذنا السلاح ؛ قال : فضعوا السلاح ؛ قال : فوضعوه ، فقال لهم : استأسروا ؛ فآستأسر القوم ، فأمر بعضهم فكتف بعضا وفرقهم في أصحابه ، فلما كان في السحر نادى خالد : من كان معه أسير فليدافه ؛ أي فليجهز عليه بالسيف .
فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم ، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أساراهم ، فبلغ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ما صنع خالد ، فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ؛ وبعث علي بن أبى طالب فودى لهم قتلاهم وما ذهب منهم .