كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 230 """"""
قال آبن إسحاق : ولما سمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بخبرهم بعث إليهم عبد الله بن أبى حدرد الأسلمي ، وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ، ثم يأتيه بخبرهم ، ففعل ؛ ثم أقبل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأخبره الخبر ، فأجمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المسير إلى هزازن لقتالهم ، وذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعا وسلاحا ، فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال : أعرنا سلاحك نلق به عدونا ؛ فقال : أغصبا يا محمد ؟ فقال : بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك ؛ قال : ليس بهذا بأس ، فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح ، ثم خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من مكة يوم السبت لست ليال خلون من شوال في آثنى عشر ألفا من المسلمين : عشر آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح بهم مكة ، وألفان من أهل مكة .
قال الثعلبى : قال مقاتل : كانوا أحد عشر ألفا وخمسمائة .
وقال الكلبى : كانوا عشرة آلاف ، وكانوا يومئذ أكثر ما كانوا قط ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لن نغلب اليوم من قلة ، حكاه آبن إسحاق . وقال محمد بن سعد : قال ذلك أبو بكر الصديق رضى الله عنه . قال الثعلبى : ويقال : بل قال ذلك رجل من المسلمين يقال له : سلمة بن سلامة .
قال آبن سعد : وخرج مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ناس من المشركين كثير ، منهم صفوان بن أمية .
قال محمد بن إسحاق بسند يرفعه إلى الحارث بن مالك قال : خرجنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى حنين ، ونحن حديثو عهد بالجاهلية ، وكان لكفار قريش ومن سواهم من العرب سدرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط ، يأتونها كل سنة يعلقون أسلحتهم عليها ، ويذبحون عندها ، ويعكفون عليها يوما ؛ قال : فرأينا ونحن نسير مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سدرة خضراء عظيمة ، فتنادينا من جنبات الطريق : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ، فقال : الله أكبر ، قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى لموسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم ، قالوا : وآنتهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال ، فلما كان الليل عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبأهم في وادى حنين ، وأوعز إليهم أن يحملوا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه حملة واحدة ، وعبأ رسول الله صلى الله عليه وأصحابه في السحر ، وصفهم صفوفا ، ووضع الألوية

الصفحة 230