كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 233 """"""
قال جابر بن عبد الله : فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال ابن إسحاق : وآلتفت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فرأى أم سليم ابنة ملحان ، وكانت مع زوجها أبى طلحة ، وهي حازمة وسطها ببرد لها ، وإنها لحامل بعبد الله بن أبى طلحة ، ومعها جمل أبى طلحة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أم سليم ؟ قالت : نعم ، بأبي وأمي يا رسول الله اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك فإنهم لذلك أهل ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أو يكفي الله يا أم سليم ؟ قال : ومعها خنجر ، فقال لها أبو طلحة : ما هذا الخنجر معك يا أم سليم ؟ قالت : خنجر أخذته إن دنا منى أحد من المشركين بعجته به .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني أبى إسحاق بن يسار أنه حدث عن جبير ابن مطعم قال : لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم ، فنظرت ، فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، لم أشك أنها الملائكة ، ولم تكن إلا هزيمة القوم .
قال ابن إسحاق : ولما آنهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة ، وتبعت خيل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من سلك في نخلة من الناس ، ولم تتبع من سلك الثنايا ، فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان - وهو ابن الدغنة - دريد بن الصمة وهو في شجار له أي هودج ، فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه آمرأة ، فأناخ به ، فإذا هو شيخ كبير والغلام لا يعرفه ، فقال له دريد : ما تريد بي ؟ قال : أقتلك ؛ قال : ومن أنت ؟ قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمى ، ثم ضربه بسيفه فلم يغن فيه شيئا ، فقال : بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل في الشجار ، ثم آضرب به ، وآرفع عن العظام ، وآخفض عن الدماغ ، فإني كذلك كنت أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك ؛ فقتله . ولما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، فقالت : أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا .
قال ابن هشام : ويقال إن الذي قتل دريد بن الصمة هو عبد الله بن قنيع آبن

الصفحة 233