كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 238 """"""
نسائه أم سلمة وزينب ، فضرب لهما قبتين .
وحاصرهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ثمانية عشر يوما ، ويقال : خمسة عشر يوما ، ونصب عليهم المنجنيق ، ورمى عليهم به ، وأهل الطائف أول من رمى بالمنجنيق في الإسلام . قال آبن إسحاق : حتى إذا كان يوم الشدخة دخل نفر من المسلمين تحت دبابة ، ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه ، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار ، فخرجوا من تحتها ، فرمتهم ثقيف بالنبل ، فقتل منهم رجال ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقطع أعناقهم وتحريقها ، فقطع المسلمون قطعا ذريعا ، ثم سألوه أن يدعها لله وللرحم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إني أدعها لله وللرحم ، " ونادى منادى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر ؛ " فخرج منهم بضعة عشر رجلا ، منهم : أبو بكرة ، فأعتقهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه ، فشق ذلك على أهل الطائف ، ولم يؤذن لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في فتح الطائف ، فاستشار نوفل بن معاوية الديلي ، فقال : ما ترى ؟ فقال : ثعلب في حجر ، إن أقمت عليه أخذته ، وإن تركته لم يضررك .
قال محمد بن إسحاق : وبلغني أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لأبى بكر رضى الله عنه : يا أبا بكر ؛ إني رأيت أني أهديت لي قعبة مملوءة زبدا ، فنقرها ديك فهراق ما فيها ؛ فقال أبو بكر : ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " وأنا لا أرى ذلك . " قال : ثم إن خويلة بنت حكيم بن أمية السلمية ، وهي آمرأة عثمان بن مظعون قالت : يا رسول الله ، أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلي بادية بنت غيلان ابن سلمة ، أو حلي الفارعة بنت عقيل ، وكانتا من أحلى نساء قريش . قال : فذكر لي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لها : " وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة ؟ " فخرجت خويلة فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله ، ما حديث حدثتنيه خويلة فزعمت أنك قد قلته ؟ ؛ قال : قد قلته . قال : أو ما أذن فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا ، قال : أفلا أؤذن بالرحيل ؟ قال : بلى قال : فأذن عمر في الناس بالرحيل ؛ فضج الناس من ذلك ، وقالوا : نرحل ولم تفتح علينا الطائف ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : فآغدوا على القتال ؛ فغدوا ، فآصابت المسلمين