كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 242 """"""
فهو أحب إلينا ؛ فقال لهم : " أما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، وإذا أنا صليت الظهر فقوموا فقولوا : إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين ، وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا ؛ فسأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم ، " ففعلوا ما أمرهم به ، فقال : " أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، " وقال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ وقالت الأنصار مثل ذلك ؛ فقال الأقرع بن حابس : أما أنا وبنو تميم فلا ، وقال عيينة بن حصن : أما أنا وبنو فزارة فلا ، وقال عباس بن مردس : أما أنا وبنو سليم فلا ، فقالت بنو سليم : بلى ، ما كان لنا فهو لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ قال : يقول عباس لبني سليم : وهنتموني ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين ، وقد كنت آستأنيت بسبهم ، وخيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئا ، فمن كان عنده منهم شئ فطابت نفسه أن يرده فسبيل ذلك ، ومن أبى فليرد عليهم ، وليكن ذلك قرضا علينا ، فله بكل إنسان ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا " قالوا : رضينا وسلمنا ، فردوا عليهم نساءهم وأبناءهم ، ولم يتخلف منهم أحد غير عيينة بن حصن ، فإنه أبى أن يرد عجوزا صارت في يده منهم ، ثم ردها بعد ذلك .
وقد حكى محمد بن إسحاق سبب تمسك عيينة بها وردها ، قال : فقال حين أخذها : أرى عجوزا إني لأحسب لها في الحي نسبا ، وعسى أن يعظم فداؤها ؛ فلما رد الناس السبايا بست فرائض أبى أن يردها ، فقال له زهير بن صرد : خذها عنك ، فو الله ما فوها ببارد ، ولا ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا زوجها بواجد ولا درها بماكد ؛ فردها بست فرائض حين قال له زهير ما قال . وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد كسا السبى قبطية قبطية ، والقباطي : ثياب بيض تتخذ من الكتان بمصر .
وحكى محمد بن سعد في طبقاته الكبرى في ترجمة عيينة بن حصن في هذه القصة قال : لما قدم هوازن على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ورد عليهم السبى ، كان عيينة قد أخذ رأسا منهم ، فنظر إلى عجوز كبيرة فقال : هذه أم الحي ، لعلهم أن يغلوا بفدائها ، وعسى أن يكون لها في الحي نسب . فجاء آبنها إلى عيينة فقال : هل لك في مائة من الإبل ؟ قال : لا ، فرجع عنه ، فتركه ساعة ، وجعلت العجوز تقول لآبنها : ما إربك في بعد مائة ناقة ، اتركه فما أسرع ما يتركني بغير فداء ؛ فلما سمعها عيينة قال : ما رأيت كاليوم خدعة ، والله ما أنا من هذه إلا في غرور ؛ ولا جرم والله لأبعدن أثرك مني ؛ قال : ثم مر به آبنها فقال له عيينة : هل لك فيما دعوتني إليه ؛ فقال : لا أزيدك

الصفحة 242