كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 243 """"""
على خمسين ؛ فقال عيينة : لاأفعل ؛ ثم لبث ساعة ، فمر به وهو معرض عنه ، فقال له عيينة : هل لك في الذي بذلت لي ؟ ، قال له الفتى : لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة ؛ قال عيينة : والله لا أفعل ، فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا قال : هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت ؟ : قال الفتى : هل لك إلى عشر فرائض ؟ قال : لا أفعل ؛ فلما رحل الناس ناداه عيينة : هل لك إلى ما دعوتني إليه شئت ؟ ؛ قال الفتى : أرسلها وأحمدك ، قال : لا والله مالي حاجة بحمدك ؛ فأقبل عيينة على نفسه لائما لها ويقول : ما رأيت كاليوم أمرا أنكد ، قال الفتى : أنت صنعت هذا بنفسك ، عمدت إلى عجوز كبيرة ، والله ما ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد ، فأخذتها من بين من ترى ؛ فقال له عيينة : خذها لا بارك الله لك فيها ؛ قال : فيقول الفتى : يا عيينة ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد كسا السبى فأخطأها من بينهم الكسوة ، فهل أنت كاسيها ثوبا ؟ قال : لا ، والله مالها ذاك عندي ، قال : لا تفعل ؛ فما فارقه حتى أخذ منه سمل ثوب . ثم ولى الفتى وهو يقول : إنك لغير بصير بالفرض ، قال : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد كسا السبى قبطية قبطية ، والقباطي : ثياب بيض نتخذ من الكتان بمصر . قال محمد بن إسحاق : وسأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وفد هوازن عن مالك بن عوف ما فعل ؟ هو بالطائف مع ثقيف ؛ فقال : أخبروا مالكا إن هو أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله ، وأعطيته مائة من الإبل . فأخبر بذلك ، فخرج من الطائف فأدرك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالجعرانة أو بمكة ، فرد عليه أهله وماله ، وأعطاه مائة من الإبل ، وأسلم فحسن إسلامه . وقال حين أسلم منشدا :
ما إن رأيت ولا سمعت بمثله . . . في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى . . . ومتى تشأ يخبرك عما في غد
وإذا الكتيبة عردت أنيابها . . . بالسمهري وضرب كل مهند
فكأنه ليث على أشباله . . . وسط الهباءة خادر في مرصد

الصفحة 243