كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 25 """"""
وذلك أنهم كانوا أسلموا بمكة ، فلما هاجر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فآفتتنوا ، ثم خرجوا مع قومهم إلى بدر ، فأصيبوا كلهم . قال : ثم أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بما في العسكر مما جمع الناس فجمع ، وأختلف المسلمون فيه ، فقال من جمعه : هو لنا ؛ وقال الذين كانوا يقاتلون العدو : والله لولا نحن ما أصبتموه ، لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم ؛ وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مخافة أن يخالف إليه العدو : ما أنتم بأحق منا ، ما أنتم بأحق منا ، لقد رأينا أن نقتل العدو إذ منحنا الله أكتافهم ، ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه ، ولكنا خفنا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كرة العدو فقمنا دونه ، فما أنتم أحق به منا . فأنزل الله تعالى : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، نزلت السورة بجملتهما في غزوة بدر . قال : ثم أقبل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قافلا إلى الدينة ومعه الأسارى من المشركين والنفل ، وجعل على النفل عبد الله بن كعب المازنى ، فلما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من مضيق الصفراء ، نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية ، يقال له : سير ، إلى سرحة به وهو من المدينة على ثلاث ليال ، فقسم هناك النفل الذي أفاء الله على المسلمين على السواء . قال ابن سعد : وتنفل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سيفه ذا الفقار ، وكان لمنبه بن الحجاج ، فكان صفية يومئذ ؛ وأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سهمه مع المسلمين ، وفيه جمل أبي جهل بن هشام ، وكان مهريا ، وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) زيد بن حارثة بشيرا إلى المدينة ، وبعث عبد الله بن رواحة إلى أهل العالية . قال ابن سعد يرفعه إلى عبد بن عمر رضى الله عنهما ، قال : خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم بدر بثلثمائة وخمسة عشر من المقاتلة ، كما خرج طالوت ، فدعا لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين خرجوا ، فقال : " اللهم انهم حفاة فأحملهم ، اللهم انهم عراة فأكسهم ، اللهم انهم جياع فأشبعهم " . ففتح الله يوم بدر فأنقلبوا حين أنقلبوا ، وما فيهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين ، فأكتسوا وشبعوا .

الصفحة 25