كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 250 """"""
أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلغه أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام ، وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة ، وأجلبت معه لخم ، وجذام ، وعاملة ، وغسان ، وقدموا مقدماتهم إلى البلقاء ، فندب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس إلى الخووج ، وأعلمهم المكان الذي يريد ليتأهبوا لذلك ، وبعث إلى مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم ، وذلك في جر شديد ، وأمرهم بالصدقة ، فحملوا صدقات كثيرة ، وقووا في سبيل الله .
قال ابن هشام : أنفق عثمان بن عفان رضى الله عنه في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اللهم آرض عن عثمان فإني عنه راض . " وجاء البكاءون وهم سبعة : سالم بن عمير ، وهرمى بن عبد الله أخو بني واقف ، وعلبة بن زيد أخو بني حارثة ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب المازني ، وعمرو بن عنمة ، وسلمة بن صخر ، والعرباض بن سارية الفزاري .
قال : وفي بعض الرواة من يقول : إن فيهم عبد الله بن مغفل المزني ، ومعقل ابن يسار ، وبعضهم يقول : البكاءون بنو مقرن السبعة ، وهم من مزينة ، فأتوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يستحملونه ، فقال : " لا أجد ما أحملكم عليه ؛ " فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ، فعذرهم الله تعالى .
قال : وبلغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي ، يثبطون الناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه ، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ، ففعل طلحة ، فآقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت ، فآنكسرت رجله ، وآقتحم أصحابه فأفلتوا ، فقال الضحاك في ذلك :
كادت وبيت الله نار محمد . . . يشيط بها الضحاك وآبن أبيرق
فظلت وقد طبقت كبس سويلم . . . أنوء على رجلى كسيرا ومرفقى
سلام عليكم لا أعود لمثلها . . . أخاف ، ومن تشمل به النار يحرق
وجاء ناس من المنافقين يستأذنون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في التخلف من غير علة ، فأذن لهم ، وهم بضعة وثمانون رجلا . وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم ، فآعتذروا إليه ، فلم يعذرهم ، وهم آثنان وثمانون رجلا ؛ ذكر أنهم نفر من بني غفار ، وكان عبد الله بن أبى بن سلول قد عسكر على ثنية الوداع في حلفائه من اليهود والمنافقين ، فكان يقال : ليس عسكره بأقل

الصفحة 250