كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 252 """"""
ذكر سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك
قالوا : بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو بتبوك خالد بن الوليد في أربعمائة وعشرين فارسا سرية إلى أكيدر بن عبد الملك بدومة الجندل ، وأكيدر من كندة ، قد ملكهم ، وكان نصرانيا ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لخالد بن الوليد : : إنك ستجده يصيد البقر . " فخرج خالد في شهر رجب سنة تسع من الهجرة حتى كان من حصن أكيدر بمنظر العين في ليلة مقمرة وصائفة ، وهو على سطح له ، ومعه آمرأته ، فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر ، فقالت له آمرأته : ما رأيت مثل هذا قط ؟ قال : لا والله ؛ قالت : فمن يترك هذا ؟ قال : لا أحد ، فنزل فأمر بفرسه فأسرج له ، وركب وركب معه نفر من أهل بيته ، فيهم أخ له يقال له : حسان ، وخرجوا لمطاردة البقر ، فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فشدت عليه ، فآستأسر أكيدر ، وآمتنع أخوه حسان ، وقاتل حتى قتل ، وكان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب ، فآستلبه خالد ، وبعث به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبل قدومه عليه ، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ، ويتعجبون منه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أتعجبون من هذا ؟ فو الذي نفسى بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا . قال : ولما أسر أكيدر وقتل حسان ، هرب من كان معهما ، فدخل الحصن ، وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على أن يفتح له دومة الجندل ، ففعل ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة فرس ، وأربعمائة درع وأربعمائة رمح ، فعزل للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) صيفا خالصا ، ثم أخرج الخمس ، وقسم ما بقى بين أصحابه ، ثم خرج خالد بأكيدر وبأخيه مصاد - وكان في الحصن - وبما صالحه عليه قافلا إلى المدينة ، فقدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأكيدر ، فأهدى له هدية ، وصالحه على الجزية ، وحقن دمه ، ثم خلى سبيله ، فرجع إلى قريته ، فقال بجير بن بجرة :
تبارك سائق البقرات إني . . . رأيت الله يهدي كل هاد

الصفحة 252