كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 255 """"""
وديعة آبن ثابت أخو بني عمرو بن عوف ، ورجل من أشجع ، حليف لبني سلمة يقال له : مخش بن حمير - وقيل : مخش - وغيرهما بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم ببعضا ، والله لكأنكم غدا بهم مقرنين في الحبال ، يقولون ذلك إرجافا وترهيبا للمؤمنين .
فقال مخشى : والله لوددت أن أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة ، وأنا ننفلت أو ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعمار بن ياسر : أدرك القوم فإنهم قد آحترقوا ، فآسألهم عما قالوا ، فإن أنكروا فقل لهم : بلى قد قلتم كذا وكذا ، فآنطلق إليهم عمار ، فقال ذلك لهم ، فأتوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعتذرون إليه ، فقال وديعة بن ثابت : يا رسول الله ، إنما كنا نخوض ونلعب .
وقال مخشى : يا رسول الله ، قعد بي آسمي وأسم أبى ، فأنزل الله تعالى قوله : " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين . " فكان مخشى بن حمير ممن عفى عنه ، فتسمى عبد الرحمن ، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يعلم مكانه ، فقتل يوم اليمامة ، ولم يوجد له أثر . والله الموفق للصواب .
ذكر خبر الثلاثة الذين خلفوا وما أنزل فيهم وفي المعذرين من الأعراب
والثلاثة الذين خلفوا لم يتخلفوا عن شك ولا نفاق ، وهم : كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية ، وكان من خبرهم ما حدثنا به الشيخان المعمران المسندان شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبى طالب نعمة الصالحي الحجار ، وست الوزراء أم محمد وزيرة بنت القاضي شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجى التنوخية الدمشقيان قراءة عليهما ، وأنا أسمع في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وسبعمائة بالمدرسة المنصورية بالقاهرة المعزية ، قالا : حدثنا الشيخ سراج الدين أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى الزبيدي ، قال : حدثنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : حدثنا الشيخ أبو الحسن عبد

الصفحة 255