كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 256 """"""
الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسى ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف ابن مطر الفربري ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن آبن شهاب ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، أن عبد الله بن كعب بن مالك ، - وكان قائد كعب من بنيه حين عمى - قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك ، غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ، ولم يعاتب أحدا تخلف عنها ، إنما خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يريد عير قريش ، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ؛ ولقد شهدت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ، وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها .
كان من خبرى أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزاة ، والله ما آجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتها في تلك الغزوة ، ولم يكن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يريد غزوة إلا ورى بغيرها ، حتى كانت تلك الغزوة ، غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في حر شديد ، وآستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا ، فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم ، فأخبرهم بوجهه الذي يريد ، والمسلمون مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كثير ، ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان .
قال كعب : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى له ذلك ، مالم ينزل فيه وحي الله عز وجل ، وغزا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال ، وتجهز رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمسلمون معه ، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم ، فأرجع ولم أقض شيئا ، فأقول في نفسي : أنا قادر عليه ، فلم يزل يتمادى بي حتى شمر بالناس الجد . فأصبح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والمسلمون معه ، ولم أفض من جهازي شيئا ، فقلت : اتجهز بعده بيوم أو يومين ، ثم ألحق بهم ، فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز ، ورجعت

الصفحة 256