كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 261 """"""
ذكر سرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى اليمن
يقال : بعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) علي بن أبى طالب رضى الله عنه مرتين : إحداهما في شهر رمضان سنة عشر من مهاجره ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعقد له لواء ، وعممه بيده ، وقال : " امض لا تلتفت ، فاذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك ، " فخرج في ثلثمائة فارس ، وكانت أول خيل دخلت إلى تلك البلاد ، وهي بلاد مذحج ، ففرق أصحابه ، فأتوا بنهب وغنائم ونساء وأطفال ونعم وشاء وغير ذلك ، وجعل على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي ، فجمع إليه ما أصابوا ، ثم لقى جمعهم فدعاهم إلى الإسلام ، فأبوا ورموا بالنبل ، ثم حمل عليهم على رضى الله عنه بأصحابه فقتل منهم عشرين رجلا ، فتفرقوا وآنهزموا ، فكف عن طلبهم ، ثم دعاهم إلى الإسلام ، فأسرعوا وأجابوا ، وبايعه نفر من رؤسائهم على الإسلام ، وقالوا : نحن على من وراءنا من قومنا فخذ منها حق الله ، وجمع على الغنائم فخمسها ، وقسم على أصحابه بقية المغنم ، ثم قفل ، فرافى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة حين قدمها للحج سنة عشر . حكاه آبن سعد .
وقال محمد بن إسحاق ، لما رجع علي بن أبى طالب رضى الله عنه من اليمن إلى مكة ، دخل على فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فوجدها قد حلت فقال : مالك يا بنت رسول الله ؟ قالت : أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن نحل بعمرة فحللنا ، ثم أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما فرغ من الخبر عن سفره ، قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " انطلق فطف بالبيت وحل كما حل أصحابك " قال : يا رسول الله ، إني أهللت بما أهللت ؛ قال : فآرجع فآحلل كما حل أصحابك قال : يا رسول الله ، إني قلت حين أحرمت : اللهم إني أهل بما أهل به نبيك وعبدك ورسولك محمد ، قال : فهل معك من هذى ؟ قال : لا ؛ فأشركه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في هديه ، وثبت على إحرامه مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى فرغا من الحج ، ونحر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الهدى .
قال : ولما أقبل علي من اليمن تعجل إلى رسول الله ، وآستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه ، فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من

الصفحة 261