كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 264 """"""
والعشاء بأذان وإقامتين ، ثم بات بها ، فلما برق الفجر صلى الصبح ، ثم ركب راحلته ، فوقف على قزح وقال : " كل المزدلفة موقف إلا بطن محسر ، " ثم دفع قبل طلوع الشمس ، فلما بلغ إلى محسر أوضع ، ولم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، ثم نحر الهدى وحلق رأسه ، وأخذ من شاربه وعارضيه ، وقلم أظفاره ، وأمر بشعره وأظفاره أن تدفن ، ثم أصاب الطيب ، ولبس القميص ، ونادى مناديه بمنى : إنها أيام أكل وشرب وباءة ، وجعل يرمي الجمار في كل يوم عند زوال الشمس ، ثم خطب الغد من يوم النحر بعد الظهر على ناقته القصواء ، ثم صدر يوم الصدر الآخر ، وقال : " إنما هن ثلاث يقيمهن المهاجر بعد الصدر ، " يعنى بمكة ، ثم ودع البيت ، ثم انصرف راجعا إلى المدينة .
ذكر الخطبة التي خطبها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال محمد بن إسحاق : خطب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خطبته التي بين فيها ما بين ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أيها الناس ، اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا . أيها الناس ، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، وقد بلغت ، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من آئتمنه عليها ، وإن كل ربا موضوع ، وإن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ، قضى الله أنه لا ربا ، وأن ربا العباس بن عبد المطلب موضوع كله ، وأن كل دم في الجاهلية موضوع ، وأن أول دمائكم أضع دم آبن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب - وكان مسترضعا في بني ليث ، فقتلته هذيل - فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية . " " أما بعد ، أيها الناس ، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به ، مما تحقرون من أعمالكم ، فآحذروه على دينكم . " " أيها الناس ، إن النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله ، وإن الزمان قد آستدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا

الصفحة 264