كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 266 """"""
وأما عمره ( صلى الله عليه وسلم )
فقد روى عكرمة عن آبن عباس رضى الله عنهما ، قال : اعتمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أربع عمر : عمرة الحديبية ، وهي عمرة الحصر ، وعمرة القضاء من قابل ، وعمرة الجعرانة ، والرابعة التي مع حجته .
وعن قتادة ، قلت لأنس بن مالك : كم ىعتمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قال : أربعا ، عد منها عمرته مع حجته ، وقد قدمنا ذكر عمرة الحديبية مع الغزوات ، وذكرنا عمرة الجعرانة عند ذكرنا لقسم مغانم حنين ، وعمرته مع حجته قد اختلف فيها .
وأما عمرة القضاء
فقد أوردها بعض أهل السير في الغزوات ، وترجم عليها : عمرة القضية ، وحجة من أوردها في الغزوات أنه ( صلى الله عليه وسلم ) خرج معه السلاح ، ولم يخرج به ( صلى الله عليه وسلم ) لقصد الغزاة ، وإنما خرج به آحتياطا . وكان من خبر هذه العمرة أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما آستهل هلال ذي القعدة سنة سبع من مهاجره أمر أصحابه أن يعتمروا قضاء لعمرتهم التي صدهم المشركون عنها بالحديبية ، وألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية ، فلم يتخلف منها إلا من مات أو قتل بخيبر ، وخرج مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قوم من المسلمين عمارا ممن لم يشهد الحديبية ، فكانوا في عمرة القضية ألفين ، وآستخلف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على المدينة أبا ذر الغفاري ، حكاه ابن سعد - وقال ابن إسحاق : عويف بن الأضبط الديلي - وساق ( صلى الله عليه وسلم ) ستين بدنة ، وجعل على هديه ناجية بن جندب الأسلمي . قال آبن سعد : وحمل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) السلاح والبيض والدروع والرماح ، وقاد مائة فرس ، فلما آنتهى إلى ذي الحليفة ، قدم الخيل أمامه ، عليها محمد بن مسلمة ، وقدم السلاح ، وآستعمل عليه بشير بن سعد ، وأحرم ( صلى الله عليه وسلم ) من باب المسجد ، ولبى والمسلمون معه يلبون . ومضى محمد بن مسلمة في الخيل إلى مر الظهران فوجد بها نفرا من قريش ، فسألوه ، فقال : هذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يصبح هذا المنزل غدا إن شاء الله ، فأتوا قريشا بالخبر ، ففزعوا ، ونزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمر الظهران ، وقدم السلاح إلى بطن يأجج حيث ينظر إلى أنصاب الحرم ، وخلف عليه أوس بن خولي الأنصاري في مائتي رجل ، وخرجت قريش من مكة إلى رءوس الجبال ، فقدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الهدى أمامه ، فحبس بذي طوى ، وخرج على راحلته القصواء والمسلمون متوشحون السيوف ، محدقون به ( صلى الله عليه وسلم ) يلبون ، فدخل على الثنية التي تطلعه على الحجون ، وعبد

الصفحة 266