كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 267 """"""
الله بن رواحة آخذ بزمام راحلته وهو يقول :
خلوا نبي الكفار عن سبيله . . . خلوا فكل الخير في رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله . . . أعرف حق الله في قبوله
نحن قتلناكم على تأويله . . . كما قتلناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقبله . . . ويذهل الخيل عن خليله
قال آبن هشام : قوله نحن قتلناكم على تأويله إلى آخر الأبيات ، لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم .
قال آبن سعد : ولما آتجز آبن رواحة قال له عمر بن الخطاب : إيها يآبن رواحة فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا عمر ، إني أسمع ؛ " فأسكت عمر ، وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إيها يأبن رواحة ، قل لا إله إلا الله وحده ، نصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ، " فقالها ابن رواحة . لم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يلبي حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه ، وطاف على راحلته ، والمسلمون يطوفون معه وقد آضطبعوا بثيابهم ، ثم طاف بين الصفا والمروة على راحلته ، فلما كان الطواف السابع عند فراغه وقد وقف الهدى عند المروة قال : " هذا المنحر ، وكل فجاج مكة منحر ، " فنحر عند المروة ، وحلق هناك ، وكذلك فعل المسلمون ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ناسا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح ، ويأتي الآخرون فيقضوا نسكهم ؛ ففعلوا ، وأقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة ثلاثا . وتزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية ، فلما كان عند الظهر من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى فقالا : قد آنقضى أجلك ، فآخرج عنا ، فأمر أبا رافع فنادى بالرحيل وقال : لا يمسين بها أحد من المسلمين ، وأخرج عمارة بنت حمزة بن عبد المطلب من مكة ، وركب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى نزل سرف وتتام الناس إليه ، وأقام أبو رافع بمكة حتى أمسى ، فحمل إليه ميمونة ، فبنى عليها ( صلى الله عليه وسلم ) بسرف ، ثم أدلج فسار حتى قدم المدينة ، ( صلى الله عليه وسلم ) تسليما كثيرا .

الصفحة 267