كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 42 """"""
وحليفك ، فانك ذو مال " . فقال : يا رسول الله ، إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهونى . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " الله أعلم بإسلامك إن يكن ما تقول حقا فالله يجزيك به ، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا " . قال : فانه ليس لي مال . قال : فأين المال الذي وضعته عند أم الفضل بمكة حين خرجت وليس معكما أحد ؟ ثم قلت : إن أصبت في سفري هذا فللفضل كذا ، ولعبد الله كذا " . قال : والذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد غيرها ، وإني لأعلم أنك رسول الله . ففدى نفسه بمائة أوقية ، وكل واحد بأربعين بأوقية ، وقال : تركتني أسأل الناس في كفى . قال : وأسلم العباس ، وأمر عقيلا فأسلم . وروى محمد بن سعد قال : لما أسر نوفل بن الحارث ببدر قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " : افد نفسك " . قال : مالي شئ أفتدى به . قال . " افد نفسك بروحك التي بجدة " . فقال : والله ما علم أحد أن لي بجدة رماحا غيري بعد الله ، أشهد أنك رسول الله . ففدى نفسه بها ، وكان ألف رمح . وقيل : كان إسلام نوفل وهجرته أيام الخندق . قال ابن إسحاق : وكانت قريش حين ورد عليهم الخبر بمصرع أصحاب بدر ناحوا على قتلاهم ، ثم قالوا : لا تفعلوا فيبلغ محمدا وأصحابه فيشمتوا بكم ، ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفدا . فقال المطلب ابن أبى وداعة : صدقتم ، لا تعجلوا ؛ وأنسل من الليل فقدم المدينة ، فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم ، وانطلق به . ثم بعثت قريش في فداء الأسارى ، فكان أعلى ما فدى به أسير أربعة آلاف درهم فما دونها إلى ألف درهم . وقال محمد في طبقاته : كان فداء أسارى يوم أربعة آلاف إلى ما دون ذلك ، فمن لم يجد عنده شيئا أعطى عشرة من غلمان المدينة ، فعلمهم الكتابة ، فإذا

الصفحة 42