كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ، ويؤذي من خالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه ناس كثير .
قال أبن إسحاق : وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام ، قد ذكر أن أحدهما الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر ، كما أخبر الله تعالى عنه في قوله : وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برئ منكم إنى أرى ما لا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب وكان إبليس قد تشبه لقريش بسراقة بن مالك بن جعشم وقال : أنا جار لكم من بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة ، كما قدمنا ذكر ذلك ، قال : وكانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه . فلما آلتقى الجمعان يوم بدر ورأى إبليس الملائكة نكص على عقبة وقال لهم ما قال .
وقد أخذت هذه الغزوة حقها من البسيط والإطالة وإن كان ذلك على سبيل الأختصار ، فلنذكر غيرها من الغزوات والسرايا . والله المستعان .
ذكر سرية عمير بن عدى بن خرشة الخطمى إلى عصماء بنت مروان من بنى أمية بن زيد
قال محمد بن سعد : كانت سرية عمير لخمس ليال بقين من شهر رمضان على رأس تسعة عشرة شهرا من مهاجر رسول الله عليه وسلم ، قال : وكانت عصماء عند يزيد بن زيد بن حصن الخطمى ، وكانت تعيب الإسلام وتؤذى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وتحرص عليه ، وتقول الشعر ، فجاءها عمير بن عدى في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها نفر من ولدها نيام ، منهم من ترضعه في صدرها ، فحسها بيده - وكان ضرير البصر - ونحى الصبي عنها ، ووضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها ، ثم صلى الصبح مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . قتلت بنت مروان ؟ قال : نعم ، فهل علي في ذلك شئ ؟ قال : لا ينتطح فيها عنزان .

الصفحة 49