كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 54 """"""
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وذلك أنه كان رجلا شاعرا يهجو النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه ويحرص عليهم ويؤذيهم ، وكان لما بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) زيد بن حارثة إلى أهل السافلة وعبد الله بن رواحة إلى أهل العالية بشيرين إلى المدينة منالمسلمين بخبر بدر ، فقال كعب بن الأشرف - وكان رجلا من طئ ، ثم أحد بنى نبهان ، وكانت أمه من بنى النضير - : أحق هذا ؟ أترون محمدا قتل هؤلاء الذين يسمى هذان الرجلان ؟ فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس ، والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها .
فلما تيقن الخبر خرج حتى قدم مكة فنزل على المطلب بن أبى وداعة السهمى ، وجعل يحرض على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وينشد الأشعار ويبكى أصحاب القليب من قريش .
ثم رجع إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اللهم اكفنى أبن الأشرف بما شئت " ؛ وقال : " من لى بأبن الأشرف فقد آذانى " ؟ فقال محمد بن مسلمة ، أخو بنى عبد الأشهل : انا لك به يا رسول الله ، أنا أقتله ؛ قال : " فأفعل إن قدرت على ذلك " . فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يمسك رمقه ؛ فبلغ ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له : " لم تركت الطعام والشراب " ؟ فقال : يا رسول الله ؛ قلت لك قولا لا أدرى هل أفى لك به أو لا ؟ قال : " إنما عليك الجهد " قال : يا رسول الله ؛ لابد لنا من أن نقول ، قال : " قولوا ما بدا لكم ، فأنتم في حل من ذلك " . فاجتمع على قتله محمد بن مسلمة ، وأبو نائلة سلكان بن سلامة بن وقش - وكان أخا كعب من الرضاعة - وعباد بن بشر بن وقش ، والحارث بن أوس بن معاذ ، وأبو عبس بن جبر ، أخو بنى حارثة ، فقدموا إليه سلكان بن سلامة ، فجاءه فتحدث معه ساعة ، وتناشدا شعرا ، ثم قال أبو نائلة سلكان : ويحك يا بن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك ، فاكتم عنى ؛ قال : أفعل ، قال : قد كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء ، عادتنا العرب ورمتنا عن قوس

الصفحة 54