كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 61 """"""
عزيز بن عمير ، وخرجت عمرة بنت علقمة إحدى نساء بنى الحارث ابن عبد مناة .
قال محمد بن إسحاق : ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا ، يقال له : وحشى ، يقذف بحربة له قذف الحبشة ، قلما يخطئ بها ، فقال له : اخرج مع الناس ، فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمى طعيمة بن عدى فأنت عتيق .
فكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشى أوامر بها ، قالت : ويها دسمة ؛ اشف واستشف ، وكان وحشى يكنى بأبى دسمة . قال ابن سعد : وشاع خبرهم ومسيرهم في الناس حتى نزلوا ذا الحليفة ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنسا ابنى فضالة ، ليلة الخميس لخمس مضين من شوال عينين له ، فأتيا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بخبرهم ، وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم في الزرع الذي بالعريض حتى تركوه ليس به خضراء ، ثم بعث الحباب ابن المنذر بن الجموح فدخل فيهم فحزرهم ، وجاءه بعلمهم ، وبات سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ، وسعد بن عبادة في عدة ليلة الجمعة ، عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وحرست المدينة حتى أصبحوا ، ورأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلك الليلة كأنه في درع حصينة ، وكأن سيفه ذا الفقار قد أنقصم من عند ظبته ، وكأن بقرا تذبح ، وكأنه مردف كبشا فأخبره بها أصحابه وأولها ، فقال : أما الدرع الحصينة فالمدينة ، وأما انقصام سيفى فمصيبة في نفسي ، وأما البقر التى تذبح فقتل في أصحابي ، وأما مردف كبشا ، فكبش الكتيبة بقتله الله إن شاء الله : فكان رأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ألا يخرج من المدينة لهذه الرؤيا ، فأحب أن يوافق على رأيه ، فاستشار أصحابه في الخروج ، فأشار عبد الله بن أبى بن سلول ألا يخرج ، وكان ذلك رأى الأكابر من المهاجرين والأنصار ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : امكثوا في المدينة ، واجعلوا النساء والذرارى في الآطام . فقام فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا ، فطلبوا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الخروج إلى عدوهم ورغبوا في الشهادة ، وقالوا : اخرج بنا إلى عدونا لا يرون أنا قد جبنا عنهم وضعفنا . فغلبوا على الأمر ، فصلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الجمعة بالناس ووعظهم وأمرهم بالجد والجهاد ، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا ، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ، ففرح الناس بالشخوص ،

الصفحة 61