كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 62 """"""
ثم صلى بالناس العصر ، وقد حشدوا ، وحضر أهل العوالى ، ثم دخل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بيته ومعه أبو بكر وعمر ، فعماه وألبساه ، وصف الناس له ينتظرون خروجه ، فقال لهم سعد ابن معاذ وأسيد بن حضير : استكرهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الخروج ، والأمر ينزل عليه من السماء ، فردوا الأمر إليه . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد لبس لأمته ، وأظهر الدرع وحزم وسطها بمنطقة من أدم من حمائل سيفه ، واعتم وتقلد السيف ، وألقى الترس في ظهره ، فندموا جميعا على ما صنعوا ، وقالوا : ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك . فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : لا ينبغى لنبي إذا لبس لأمته يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه ، فا نظروا ما آمركم به فا فعلوا وامضوا على اسم الله ، فلكم النصر ما صبرتم . ثم دعا بثلاثة أرماح ، فعقد ثلاثة ألويه ، فدفع لواء المهاجرين إلى علي بن أبى طالب ، ويقال : إلى مصعب بن عمير ، ودفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير ، ودفع لواء الخزرج إلى الحباب بن المنذر ، ويقال : إلى سعد بن عبادة ، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ، ثم ركب فرسه وتنكب القوس وأخذ قناة بيده ، والمسلمون عليهم السلاح قد أظهروا الدروع ، فيهم مائة دراع ، وخرج السعدان أمامه يعدوان ، سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، كل منهما دراع ، والناس عن يمينه وشماله ، فمضى حتى إذا كان بالشيخين - وهما أطمان ، كان يهودى ويهودية يقومان عليهما يتحدثان ، فلذلك سميا بالشيخين ، وهما في طرف المدينة - التفت فنظر إلى كتيبة خشناء لها

الصفحة 62